وهو قاعد على بساطه ما بينه وبين الأرض غيره وقد مدّد رجليه وخفّاه [١] فيهما. فقال له:
- «قد فهمت ما فى رقعتك من جملة كلامك، فهات ما عندك.» قال: «ولى أمانك ذمّة من الله معك؟» قال: «لك ذلك.» فأظهر له ما أراد، ودعاه إلى القاسم وأخبره بفضائله وعلمه وزهده.
فقال له عبد الله:
- «أتنصفني؟» قال: «نعم.» قال: «هل يجب شكر الله على العباد؟» قال: «نعم.» قال: «فهل يجب شكر بعضهم على بعض عند الإحسان والمنّة والتفضل؟» قال: «نعم.» قال: «فتجيء إلىّ وأنا على هذه الحال التي ترى، لى خاتم فى المشرق جائز وخاتم فى المغرب كذلك، وفيما بينهما أمير مطاع وقولي مقبول. ثمّ ما ألتفت يميني ولا شمالي ولا ورائي ولا قدّامى إلّا رأيت نعمة لرجل أنعمها علىّ [١٨٦] ومنّة ختم بها رقبتي ويدا لائحة بيضاء ابتدأنى بها كرما وتفضّلا فتدعوني إلى الكفر بهذه النعمة وهذا الإحسان وتقول: اغدر بمن كان أوّلا لهذا وآخرا واسع فى إزالة خيط رقبته وسفك دمه، تراك لو دعوتني إلى الجنّة عيانا من حيث أعلم، أكان الله عزّ وجلّ يحبّ أن أغدر به وأكفر