يبلغ إليه صاحبه حتّى يقف له على الطريق فيأخذ منه الخريطة ويركض بها.
فكانت الخريطة تصل من عسكر الأفشين إلى سرّ من رأى فى أربعة أيّام وأقلّ.
فلمّا صار الأفشين ببابك إلى سرّ من رأى لم يصبر المعتصم أن يحمل إليه حتّى ذهب متنكّرا فرءاه وتأمّله وبابك لا يعرفه. ثمّ قعد له المعتصم من الغد واصطفّ له الناس بين باب العامّة إلى المطيرة وبها أنزل بابك.
وأراد المعتصم أن يشهّره فاستشار:
- «على أىّ شيء يحمل ويشهر؟» فقيل: «يا أمير المؤمنين [٢٤٥] لا شيء أشهر من الفيل.» فأمر بتهيئة الفيل فخضب وحمل عليه بابك فى قباء ديباج وقلنسوة سمّور مدوّرة هو وحده. فقال محمد بن عبد الملك الزيّات:
قد خضب الفيل كعاداته ... لحمل شيطان خراسان
والفيل لا تخضب أعضاؤه ... إلّا لذي شأن من الشأن
فاستشرفه الناس من المطيرة [١] إلى باب العامّة، ثمّ أدخل به على المعتصم وأحضر جزّار لقطع أعضائه، ثمّ أمر أن يحضر سيّافه، وكان اسمه نوذ، فخرج الحاجب من باب العامّة فقال:
- «نوذ، نوذ.» وارتفعت الضجّة:
- «نوذ، نوذ.»
[١] . المطيرة: قرية من نواحي سامرّاء كانت متنزّهاتها بنيت فى أواخر خلافة المأمون بناها مطير بن فزارة السبعانى فنسبت إليه (مراصد الإطلاع) .