ذكر السبب فى ذلك كان السبب فى ذلك أنّ بابك لمّا ضاق به الأمر وأشرف على الهلاك وأحسّ فيمن صحبه بالضعف، كتب إلى ملك الروم توفيل بن ميخائيل يعلمه:
أنّ ملك العرب قد وجّه عساكره ومقاتلته إلىّ وشغلهم بى، حتّى وجّه خيّاطه- يعنى جعفر بن دينار- ووجّه طبّاخه- يعنى ايتاخ- ولم يبق على بابه أحد، فإن أردت الخروج إليه [٢٤٨] فاعلم أنّه ليس فى وجهه أحد يمنعك.
منه، طمعا منه فى أنّ ملك الروم إن تحرّك انكشف عنه بعض ما هو فيه بصرف المعتصم بعض من بازائه من جيوشه إلى ملك الروم.
فخرج ملك الروم فى مائة ألف وأكثر، فيهم من الجند نيّف وسبعون ألفا والباقون حشر وأتباع، وأخرج معه المحمّرة الذين كانوا أخرجوا بالجبال فلحقوا بالروم حين قاتلهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وكان الملك صيّرهم مقاتلته. فلمّا دخل ملك الروم زبطرة وقتل أهلها وسبى الذرارىّ والنساء بلغ النفير سرّ من رأى، وخرج أهل ثغور الشام والجزيرة إلّا من لم يجد سلاحا ولا دابّة، واستعظم المعتصم ذلك، فلمّا انتهى إليه الخبر قال:
- «لبّيك لبّيك.» وذلك أنّه بلغه أنّ امرأة من السبي قالت:
- «وا معتصماه.» وصاح فى قصره النفير. ثمّ ركب دابّته وسمّط خلفه شكالا وسكّة حديد وحقيبة، ولم يستقم له أن يخرج إلّا بعد التعبئة فأحضر ثلاثمائة ونيّفا وعشرين من القضاة والعدول فأشهدهم على ما وقف من الضياع، فجعل ثلثا لولده وثلثا لله وثلثا لمواليه، ثم عسكر بغربىّ دجلة ووجّه عجيف بن عنبسة