الثالث جاءت البشرى من ناحية الأفشين يخبرون بالسلامة [٢٥٥] وأنّه وارد على أمير المؤمنين بأنقرة.
ثمّ ورد الأفشين فأقاموا أيّاما ثمّ ساروا إلى عمّوريّة وقد صيّر المعتصم العسكر ثلاثة عساكر وبين عسكر وعسكر فرسخان، فساروا يخرّبون ويسبون ما بين أنقرة إلى عمّوريّة وبينهما سبع مراحل. ثمّ توافت العساكر بعمّوريّة فكان أوّل من وردها أشناس فدار حولها دورة، ثمّ نزل على ميلين منها بموضع فيه ماء وحشيش. ولمّا كان من الغد جاء المعتصم فدار حولها دورة، ثمّ جاء الأفشين فى اليوم الثالث فقسّمها أمير المؤمنين بين القوّاد كما يدور وصيّر إلى كلّ واحد منهم أبراجا منها على قدر كثرة أصحابه وقلّتهم.
وتحصّن أهل عمّوريّة وتحرّزوا، وكان بعموّريّة رجل من المسلمين أسره قديما أهل عمّوريّة فتنصّر وتزوّج فيهم فحبس نفسه عند دخولهم الحصن.
فلمّا رأى أمير المؤمنين ظهر وجاء إلى المعتصم فأعلمه أنّ موضعا من المدينة حمل عليه الوادي من سيل عظيم فوقع السور من ذلك الموضع، فكتب ملك الروم إلى عامل عمّوريّة أن يبنى ذلك الموضع فتوانى فى بنائه حتّى كان خروج الملك من قسطنطينية إلى بعض المواضع، فتخوّف الوالي أن يمرّ الملك على الناحية فيمرّ بالسور فلا يراه بنى فبنى وجه السور [٢٥٦] بالحجارة حجرا حجرا وصيّر وراءه من جانب المدينة حشوا، ثمّ عقد فوقه الشرف كما كان.
فوقف ذلك الرجل المعتصم على هذه الناحية التي وصف فأمر المعتصم بضرب مضربه فى ذلك الموضع ونصب المجانيق على ذلك البناء، فانفرج السور من ذلك الموضع.
فلمّا رأى أهل عمّورية انفراج السور علّقوا عليه الخشب الكبار المضمومة بعضها إلى بعض فكان حجر المنجنيق إذا وقع على الخشب تكسّر، فعلّقوا