منهم قوم كثير بالجبال ونزل ختن ابن البعيث، ثمّ فتحوا باب المدينة فدخل أصحاب حمدويه وزيرك وخرج ابن البعيث من منزله هاربا يريد أن يخرج من وجه آخر فلحقه قوم من الجند فأخذوه أسيرا وانتهبوا منزله ومنازل أصحابه وأخذ له أختان وثلاث بنات وخالته والبواقي سرارىّ ونحو مائتي رجل وهرب الباقون ووافاهم بغا فمنع من النهب وكتب بغا بالفتح لنفسه. ثم قدم بغا بابن البعيث وأصحابه وهم نحو مائتي رجل. فلمّا قربوا من سرّ من رأى حملوا على الجمال ليستشرفهم الناس. فأتى المتوكّل محمد بن البعيث فأمر بضرب عنقه فطرح على نطع، وجاء السيّافون فلوّحوا فقال المتوكّل:
- «ما دعاك يا محمد إلى ما صنعت؟» قال: «الشقوة وأنت الحبل الممدود بين الله وخلقه وإنّ لى فيك لظنّين أسبقهما إلى قلبي أولاهما بك وهو العفو.» ثمّ اندفع بلا فصل:
أبى الناس إلّا أنّك اليوم قاتلي ... إمام الهدى والعفو [١] فى الله أجمل [٣٢٦]
وهل أنا إلّا جبلة من خطيئة ... وعفوك من نور النّبوّة يجبل
فإنّك خير السابقين إلى العلى ... ولا شكّ أن خير الفعالين تفعل
فالتفت المتوكّل فقال لمن عنده:
- «إنّ معه لأدبا.» فقال بعضهم وبادر:
- «بل يفعل أمير المؤمنين خيرهما ويمنّ عليك.»
[١] . كذا فى الأصل وتد (٥٤١) وآ: والعفو. فى الطبري (١١: ١٣٨٧) : والصفح.