محاربة البجّة وكتب إلى عنبسة بن إسحاق الضبّى العامل على حرب مصر بإعطائه جميع ما يحتاج إليه من الجند والشاكريّة بمصر. فأزاح عنبسة علّته فى ذلك، وخرج إليه من جميع ما اقترحه عليه، وانضمّ إليه جميع من كان يعمل فى المعادن وقوم كثير من المطوّعة، وكانت عدّة من معه نحوا من عشرين ألف إنسان بين فارس وراجل، ووجّه إلى القلزم فحمل فى البحر سبعة مراكب موقّرة بالدقيق والزيت والتمر والسويق والشعير، وأمر قوما من سبعة مراكب موقّرة بالدقيق والزيت والتمر والسويق والشعير، وأمر قوما من أصحابه أن يلجّجوا بها فى البحر حتّى يوافوه فى سواحل البحر [٣٣٧] من أرض البجّة.
ولم يزل محمد بن عبد الله القمّى يسير فى أرض البجّة حتّى جاوز المعادن التي يعمل فيها وصار إلى حصونهم وقلاعهم، وخرج إليه ملكهم واسمه: على بابا، وله إبن يسمّى بغسى [١] فى جيش كثير وعدد أضعاف من كان مع القمّى وكانت البجّة على إبلهم ومعهم الحراب وإبلهم فرّه تشبه المهارى فى النجابة. فجعلوا يلتقون أيّاما متوالية فيتناوشون ولا يصحّحون القتال.
وجعل ملك البجّة يتطارد للقمّى ويطوّل الأيّام طمعا فى نفاد الأزواد والعلوفة التي معهم فلا يكون لهم قوّة، فتأخذهم البجّة بالأيدى. فلمّا توهّم عظيم البجّة أنّ الأزواد قد نفدت أقبلت المراكب السبعة التي حملها القمّى حتّى خرجت إلى ساحل من سواحل البحر فى موضع يعرف بصنجة فوجّه القمّى إلى ما هناك من أصحابه يحمون المراكب من البجّة وفرّق ما كان فيها على أصحابه فاتّسعوا فى الزاد والعلوفة.
فلمّا رأى ذلك على بابا رئيس البجّة قصد لمحاربتهم وجمع لهم. فالتقوا
[١] . كذا فى الأصل: بغسى. فى تد (٥٥٠) : بغشى. وفى الطبري (١١: ١٤٣١) : لعيس.