وكتب نجاح بن سلمة رقعة إلى المتوكّل يذكر له، أنّه يعرف وجه أربعين ألف ألف درهم يستخرجها من وجوهها من خيانات [١] قوم، فيتّسع بها أمير المؤمنين فى نفقة البناء. فأدناه المتوكّل وشاربه تلك العشيّة وقال:
- «سمّ لى من تستخرج منه الأموال.» فسمّى الحسن بن مخلد وموسى بن عبد الملك وقال:
- «يصحّ من جهة هذين أربعون ألف ألف درهم.» ثمّ سمّى قوما آخرين من الكتّاب وضمن مالا عظيما يصحّ بعد ذلك منهم. فوقع ذلك من المتوكّل موقعا عظيما وأعجبه وقال له:
- «أغد علىّ.» فلمّا أصبح لم يشكّ فى أمره.
وناظر المتوكّل عبيد الله بن يحيى وزيره فى ذلك فقال:
- «يا أمير المؤمنين هؤلاء أعيان المملكة وكتّابك وعمّالك. فإن أوقعت بهم فمن يقوم بأعمالك وأنا أدبّر [٣٤١] ذلك.» فلمّا غدا نجاح إلى المتوكّل وقد رتّب أصحابه وقال: «يا فلان خذ أنت الحسن وأصحابه ويا فلان خذ أنت موسى وأصحابه،» حجبه عبيد الله وتقدّم فى ذلك فلقى، نجاح عبيد الله فقال له:
- «انصرف يا أبا الفضل حتى ننظر وأنا أشير عليك بأمر لك فيه صلاح.» فقال: «ما هو؟» قال: «أصلح بينك وبينهما وتكتب رقعة إلى أمير المؤمنين تذكر فيها أنّك كنت شاربا وأنّك تكلّمت بما يحتاج إلى معاودة النظر فيها، وأنا أصلح أمرك عند المتوكّل.»
[١] . كذا فى الأصل: خيانات. فى آ: جنايات. فى تد (٥٥٣) ومط: جبايات. والعبارة فى الطبري (١١: ١٤٤١) : يذكر أنّهما قد خانا وقصّرا ...