فلمّا صار إلى دار العامّة فى زىّ الخلافة وقد صفّ أصحابه صفّين وقام منهم مع وجوه أصحابه وحصر الدار ولد المتوكّل والعبّاسيون والطالبيون وأصحاب المراتب، إذا صيحة من ناحية الشارع وجماعة من الفرسان، ذكر أنّهم من أصحاب أبى العبّاس محمد بن عبد الله بن طاهر، [٣٥٤] وفيهم فرسان من الطبرية وأخلاط من الناس والغوغاء والسوقة، قد شهروا السلاح وصاحوا:
- «معتزّ يا منصور.» وشدّوا فتضعضعوا [١] وانضمّ بعضهم إلى بعض. ثمّ حملوا عليهم ونشبت الحرب بينهم، وأقبلت المعتزّية والغوغاء يكثرون، فوقع بينهم قتلى، ثمّ تحاجزوا.
وخرج المستعين- وقد بايعه من حضر الدار من أصحاب المراتب- إلى الهاروني ودخل الغوغاء والمنتهبة دار العامّة، فانتهبوا الخزانة التي فيها السلاح والدروع والسيوف الثغرية والتراس الخيزران، ثمّ جاءهم جماعة من الأتراك فيهم بغا الصغير فأجلوهم من الخزانة وقتلوا منهم عدّة وخرج العامّة والغوغاء وكان لا يمرّ بهم أحد من الأتراك يريد باب العامّة إلّا انتهبوا سلاحه وقتلوا جماعة منهم.
وكان عامّة من انتهب أصحاب الناطف والفقّاع وأصحاب الحمّامات وغوغاء الأسواق.
ثمّ وضع العطاء فى ذلك اليوم الذي بويع فيه وبعث بكتاب البيعة إلى محمد بن عبد الله بن طاهر، فبعث إلى الهاشميّين والقوّاد والجند ووضع الأرزاق.
[١] . فى مط: فعطعطوا. آتوافق الأصل. ما فى تد بالصادين المهملتين.