للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله أن يتبعهم بعسكر فى اليوم الثاني وفى تلك الليلة ليوغل فى آثارهم، فأبى ولم يتبع مولّيا ولم يأمر أن يجهز على جريح، وقبل أمان من استأمن وأمر سعيد بن حميد فكتب كتابا يذكر هذه الوقعة، فقرئ على أهل بغداد فى مساجد جوامعها.

وقدم محمد بن خالد بن يزيد بلد [١] ينتظر من يصير إليه وكان بالجزيرة.

فلمّا كان اضطراب الأتراك ودخول المستعين بغداد [٣٨٤] لم يمكنه المصير إلى بغداد إلّا من طريق الرقّة، فصار إليها بمن معه من خاصّته. ثمّ انحدر منها إلى بغداد، فصار إلى محمد بن عبد الله فخلع عليه خمس خلع: ديبقي وملحم وخزّ ووشى وسواد، ثمّ وجّه به فى جيش كثيف لمحاربة أيّوب بن أحمد، فأخذ على طريق الفرات فحاربه أيّوب فى نفر يسير فهزمه. فلمّا انتهى خبر هزيمته إلى محمد بن عبد الله قال:

- «ليس يفلح أحد من العرب إلّا أن يكون معه نبىّ ينصره الله به.» وكان للأتراك وقعات بباب الشمّاسية كثيرة يكون مرّة لهم ومرّة عليهم.

وإنّما تركنا ذكرها لأنّها لم تجر بحيلة ولا مكيدة ولا تدبير صائب، وإنّما كانت كالفتن التي تجرى على ما يتفق. [٢] وكان الغوغاء اجتمعوا بسرّ من رأى بعد هزيمة الأتراك الأولى لما رأوا ضعف المعتزّ، فانتهبوا سوق أصحاب الحلي والصيارف، فأخذوا جميع ما وجدوا فيها. فاجتمع التجّار إلى إبراهيم المؤيّد أخى المعتزّ فشكوا ذلك وأعلموه أنّهم قد كانوا ضمنوا لهم أموالهم وحفظها عليهم. فقال لهم المؤيّد:

- «كان ينبغي لكم أن تحوّلوا متاعكم إلى منازلكم ولم تكن عنده لذلك نكيرة.»


[١] . بلد: اسم مدينة. انظر الطبري (١٢: ١٥٧٧) .
[٢] . ينبّه مسكويه على منهجه فى كتابة التاريخ مرّة أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>