الأتراك قد كمنوا قوما فخرج الكمين على بقية العسكر فلم تكن لهم همّة إلّا الهرب ولا ملجأ إلّا الفرات. فغرق خلق وقتل جماعة. فأمّا الفرسان فضربوا دوابّهم لا يلوون على شيء والقوّاد ينادونهم يسألونهم الرجعة فلم يرجع أحد. وأبلى محمد بن رجاء ورشيد ونجوبة بلاء حسنا ولم يكن لمن انهزم معقل دون الياسرية على باب بغداد فلم يملك القوّاد أمور أصحابهم فأشفقوا حينئذ على أنفسهم فانثنوا راجعين وراءهم يحمونهم من أدبارهم أن يتبعوا وحوى الأتراك عسكر الحسين. [٣٩٢] ولقى رجل من التجّار فى جماعة ممّن ذهبت أموالهم فى عسكر الحسين.
فقال له:
- «الحمد لله الذي بيّض وجهك أصعدت فى اثنى عشر يوما ورجعت فى يوم واحد.» فتغافل عنه.
وأمر ابن طاهر الشاه بن ميكال فى صبيحة الليلة التي وافى فيها الحسين أن يتلقاه ويمنعه من دخول بغداد، فلقيه فى الطريق فردّه إلى بستان الحروى فأقام يومه. فلمّا كان الليل صار إلى دار ابن طاهر فوبّخه ابن طاهر وأمره بالرجوع إلى الياسرية، ثمّ أمر بإخراج مال لإعطاء شهر واحد لأهل هذا العسكر، فحملت تسعة آلاف دينار وصار كتاب ديوان العطاء وديوان العرض إلى الياسريّة لعرض الجند وإعطاءهم.
ونودى ببغداد فيمن يدخلها من الجند الذين فى عسكر الحسين أن يلحقوا بالحسين فى عسكره وأجّلوا ثلاثة أيّام فمن وجد منهم ببغداد بعد ثالثة ضرب ثلاثمائة سوط وقرض اسمه من الديوان فخرج الناس.
وأمر خالد بن عمران فى الليلة التي قدم فيها الحسين أن يعسكر بأصحابه بالمحوّل ورحل الحسين وكتب إلى خالد بن عمران أن يرحل متقدّما أمامه