للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدعوا موسى إلى الانصراف بهم إلى سرّ من رأى. فأمر موسى أن يستخرج من أهل الري خراج سنة ستّ وخمسين ومائتين. فأصبح الخراج فى شهر رمضان فجبى فى يوم واحد خمسمائة ألف درهم فاجتمع أهل الرىّ وقالوا:

- «أصلح الله الأمير ما سبب انصرافك عن هذا الثغر؟» فقال: «إنّ الجند والموالي أبوا أن يقيموا، وإذا انصرفوا فما أقلّ غنائى عنكم.» فقالوا: «أصلح الله الأمير. إنّ الموالي يرجعون لما يقدّرون هناك من كثرة العطاء وأنت وأصحابك ها هنا فى أكثر وأوسع ممّا فيه أولئك هناك. فإن رأيت أن تقيم وتسدّ هذا الثغر وتحتسب فى أهله الأجر والثواب وتلزمنا من خراجنا فى خاصّ أموالنا لمن معك ما ترى أنّنا نحتمله فعلت.» فلم يجبهم إلى ما سألوا.

فقالوا: «أصلح الله الأمير فإذا كان الأمير على تركنا و [١] الانصراف عنّا، فما معنى أخذنا بالخراج لسنة لم نبدأ بعمارتها بعد، وأكثر غلّة سنة خمس وخمسين التي قد استوفى الأمير خراجها منا فى الصحراء لا يمكننا [٤٤٤] الوصول إليها، إن خرج الأمير عنّا.» فلم يلتفت إلى كلامهم وخرج.

واتصل خبر انصرافه بالمهتدى، فكتب إليه فى ذلك كتبا كثيرة فلم يؤثّر شيئا. فلمّا نظر [٢] المهتدى أنّ موسى يسير ويخلّ بموضعه وأنّ كتبه إليه لا تعنى شيئا، وجّه إليه رسولين من بنى هاشم وحمّلهما رسائل إلى موسى ووجوه قوّاده وإلى سائر عسكره يصدّهم فيها عن الحركة ويصدّقهم عن الحال بالحضرة وعن ضيق الأموال بها وما يحاذر من ذهاب ما يخلّفونه


[١] . كذا فى آوالطبري (١٢: ١٧٣٩) : والانصراف. فى الأصل: من الانصراف.
[٢] . إلى هنا تنتهي مخطوطة آ (آستان قدس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>