للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسألنى عن أخبار الشورجيّين وما يجرى لكلّ غلام منهم من الدقيق والتمر، وعمّن يعمل فى الشورج [٤٤٨] من الأحرار والعبيد، فأعلمته ذلك.

فدعاني إلى ما هو عليه فأجبته. فقال لى:

- «احتل فيمن قدرت عليه من الغلمان فأقبل بهم إلىّ.» ووعدني أن يقوّدنى على من آتيه به منهم وأن يحسن إلىّ، واستحلفني ألّا أعلم أحدا بموضعه وأن أرجع إليه، فخلّى سبيلي فأتيت بالدقيق الذي معى إلى الموضع الذي كنت قصدته، وأقمت فيه يومى، ثمّ رجعت إليه من غد فوافيته وقد قدم عليه غلمان كان وجّههم إلى البصرة فى حوائج له وفيما حمل له حريرة يتّخذها لواء [١] فأمر أن يكتب عليها بحمرة وخضرة: «إِنَّ الله اشْتَرى من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ.» ٩: ١١١ إلى آخر الآية. [٢] وكتب اسمه واسم أبيه وعلّقها فى رأس مردىّ [٣] وخرج فى السحر من ليلة السبت لليلتين بقيتا من شهر رمضان.

فلمّا صار فى مؤخّر القصر الذي كان فيه لقيه غلمان رجل من الشورجيّين متوجّهين إلى أعمالهم. فأمر بأخذهم فأخذوا وكتف وكيلهم وأخذه معهم، وكانوا خمسين غلاما، وكان أهل البصرة فى ذلك الزمان يشترون الزنوج ويخرجونهم إلى السباخ فيكسحونها حتّى يصلوا إلى التربة الطيّبة فيعمرونها، وكسوح الزنج [٤٤٩] بالبصرة معروفة تشاهد فيها تلال كالجبال وكان فى أنهار البصرة منهم عشرات ألوف يعذّبون بهذه الخدمة، وتجرى عليهم أقواتهم من الدقيق والتمر.

ثمّ إنّ هذا الرجل العلوىّ سار من موضعه الذي ذكرنا، فصار إلى الموضع


[١] . فى مط: وفيما حمل إليه ليتّخذها لواء. (بحذف «حريرة» ) .
[٢] . س ٩ التوبة: ١١١.
[٣] . المردىّ: خشبة تدفع بها السفينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>