فطمع أصحاب تكين لمّا سمعوا كلامه وجدّوا فى طلبه وجعلوا ينادونه:
- «بلبل فى قفص.» وسار الجبّائى سيرا حثيثا واتبعوه بجدّ يرشقونه [٥١٠] حتّى جاوز الكمين وقارب عسكر سليمان، وهو أيضا كامن وراء الجدر فى خيله ورجله.
فزحف سليمان وخرج الكمين من وراء الخيل وعطف الجبّائى فأتاهم الروع من الوجوه كلّها فانهزموا. وركبهم الزنج يقتلونهم ويأسرونهم ويسلبونهم حتّى قطعوا ثلاثة فراسخ.
ثمّ وقف سليمان وقال للجبّائى:
- «نرجع فقد غنمنا وسلمنا والسلامة أفضل من كلّ شيء.» فقال الجبّائى:
- «كلّا قد نفذت حيلتنا فيهم ونخبت قلوبهم. والرأى أن نكبسهم فى ليلتهم هذه فلعلّنا أن نفضّ جمعهم ونجتاحهم.» فاتبع سليمان رأى الجبّائى وصار إلى عسكر تكين فقاتلهم تكين قتالا شديدا حتّى انكشف عنه سليمان. ثمّ وقف سليمان وعبّأ أصحابه ثانية ووجّه شبلا فى خيل ورجّالة إلى الصحراء وأمر الجبّائى فسار فى السميريّات فى بطن النهر وسار هو فيمن معه من أصحابه حتّى وافى تكين، فلم يثبت له أحد وانكسفوا فتركوا فى عسكرهم. فغنم ما فيه وأحرق الباقي وانصرف وكان استأذن صاحبه فى الإلمام به فألفى فى منصرفه ورود الإذن له، فاستخلف الجبّائى وحمل الأعلام التي أصابها من عسكر تكين والشذاءات [٥١١] التي كان أخذها من خشيش وأصحابه اغرتمش ومن كان معهم إلى عسكر الخبيث.
ثمّ كانت لعلىّ بن أبان والجبّائى وغيرهما من أصحاب الخبيث وقعات منكرات وأمور هائلة ما كتبتها لخلوّها ممّا بنيت عليه كتابي هذا إلى أن