للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك. وذاع الخبر بصحة عزم سوسن على الفتك بابن الفرات بمواطأة عدّة من الغلمان الحجريّة على ذلك، ودبّر أن يكون الوزير محمّد بن عبدون، وأشار بذلك على المقتدر بالله، وبذل على ذلك مالا عظيما، وأنفذ بنىّ بن نفيس [١] إلى الأهواز لإحضار محمّد بن عبدون بغير مواقفة ابن الفرات وأظهر بنىّ أنّه إنّما أنفذ لأخذ أموال كانت مودعة للعبّاس بن الحسن بالبصرة.

ولم يصل محمّد بن عبدون إلى واسط حتّى ظهر الخبر لابن الفرات. فقرّر ابن الفرات فى نفس المقتدر أنّ سوسنا عمل على الإيقاع به أوّلا ثمّ به، وأنّه كان من أكبر أعضاد عبد الله بن المعتزّ، وإنّما خالفه أخيرا لما علم أنّه قد استحجب غيره. وواقف [٢] المقتدر على القبض عليه فقبض عليه وقتله من يومه. وكان المتولّى لذلك تكين الخاصّة وكان تكين هذا مرشّحا للحجبة ومدبّرا لها.

ثمّ أنفذ الوزير إلى محمّد بن عبدون من أزعجه فى الطريق واعتقله فى دار السلطان وصادره مصادرة مجدّدة، ثمّ سلّم إلى مونس الخازن فقتله.

وقلق أبو الحسن علىّ بن عيسى لذلك وهو بواسط، فكتب إلى الوزير كتابا يحلف فيه أنّه على قديم عداوته لمحمّد بن عبدون، إلّا أنّه لا يدع الصدق من فعله، وأنّ محمّد بن عبدون لم يكن ليسعى [٧٢] على دم نفسه بتضمّنه الوزارة، بل كان راضيا بالسلامة بعد فتنة عبد الله بن المعتزّ، وأنّ سوسنا عمل ذلك بغير رأيه ولا مواقفته، وسأل فى أمر نفسه أن يبعده إلى مكّة ليسلم من الظنّة ولينسى السلطان ذكره.

فأجابه ابن الفرات إلى ذلك وأخرجه من واسط إلى مكّة على حال جميلة. فشخص إليها على طريق البصرة.


[١] . كذا فى الأصل. فى مط: وأنفذ بنى أبى قيس.
[٢] . فى الأصل: واقف. والواو الزائدة هي من مط.

<<  <  ج: ص:  >  >>