للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «قد عرفت [٢٣٩] أنّى لك راج، وأنّ طلبتي ورغبتي إليك أن تخالف عدىّ بن زيد في ما يشير به عليك، فإنّه والله لا ينصح لك أبدا.» فلم يلتفت الأسود إلى قوله. فلمّا أمر كسرى عدىّ بن زيد أن يدخلهم عليه، جعل يدخلهم رجلا رجلا فيكلّمه. فكان الملك كسرى يرى رجالا قلّ ما رأى مثلهم. فإذا سألهم:

- «هل تكفوننى ما كنتم [١] تلون؟» قالوا: «نكفيك العرب إلّا النعمان.» فلمّا دخل النعمان عليه، رأى رجلا دميما [٢] قصيرا أحمر، فكلّمه، وقال:

- «أتستطيع أن تكفيني العرب؟» قال: «نعم.» قال: «وكيف تصنع بإخوتك؟» قال: «أيّها الملك، إن عجزت عنهم، فأنا عن غيرهم أعجز.» فملّكه، وكساه، وألبسه تاجا قيمته ستّون ألف درهم فيه اللؤلؤ، والذهب. فلمّا خرج وهو ملك على العرب، قال عدىّ بن أوس بن مرينا للأسود:

- «دونك، فإنّك خالفت الرأى.» ثم إنّ عدىّ بن زيد صنع طعاما في بيعة، وأرسل إلى ابن مرينا أن: ائتنى مع من أحببت، فإنّ لى حاجة. فأتاه في ناس، فتغدّوا في البيعة غداءهم المعدّ، وشربوا. [٢٤٠] فقال عدىّ بن زيد لعدىّ بن أوس:

- «يا عدىّ! إنّ أحقّ من عرف الحقّ ثمّ لم يلم عليه، من كان مثلك. إنّى عرفت أنّ صاحبك الأسود بن المنذر كان أحبّ إليك من أن يملك من صاحبي النعمان، فلا تلمني على شيء كنت على مثله، وأنا أحبّ ألّا تحقد علىّ شيئا لو قدرت


[١] . مط: ما كنت تكون!
[٢] . مط: ذميما، والدميم: قبيح الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>