وصلا إلى الدار أخذ بهما فى ممرّ يقضى إلى صحن من تلك الصحون، ثمّ عدل بهما إلى ممرّ آخر، وأخرجا منه إلى صحن أوسع من الأوّل، ولم تزل الحجّاب يخترقون بهما فى الصحون والممرّات حتّى كلّا من المشي وانبهرا.
وكانت تلك الصحون والممرّات محشوّة بالغلمان والخدم.
إلى أن قربا من المجلس الذي فيه المقتدر بالله والأولياء وقوف على مراتبهم، والمقتدر جالس على سرير ملكه، وأبو الحسن ابن الفرات واقف بالقرب منه، ومونس الخادم، ومن دونه من الخدم وقوف عن يمينه ويساره.
فلمّا دخلا إلى المجلس قبّلا الأرض ووقفا حيث استوقفهما نصر الحاجب، وأدّيا إليه رسالة صاحبهما فى الفداء، ورغبا إليه فى إيقاعه فأجابهما الوزير عنه بأنّه يفعل ذلك رحمة للمسلمين ورغبة فى فكّهم وإيثارا لطاعة الله عزّ وجلّ [١٢٥] وخلاصهم، وأنّه ينفذ مونسا لحضور ذلك.
ولمّا خرجا من حضرته خلع عليهما مطارف خزّ مذهّبة وعمائم خزّ، وخلع على أبى عمر أيضا وانصرف على الظهر معهما والجيش على حاله منتظم للفداء.
فتأهّب لذلك وابتيع من التمس الرسل ابتياعه من الروم المطلوبين وأطلق له وللقوّاد الشاخصين معه من بيت المال بالحضرة مائة ألف وسبعون ألف دينار. وكتب إلى العمّال فى طريقه بإزاحة علّته فيما يلتمسه، وحمل إلى كلّ واحد من الرسولين عشرون ألف درهم صلة لهما، وخرجا مع مونس ومعهما أبو عمر وتمّ الفداء فى هذه السنة على يد مونس.
وفيها أطلق أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان وإخوته من الحبس فى دار السلطان وخلع عليهم خلعة الرضا.
وفيها مات العبّاس بن عمرو الغنوي، وكان متقلّدا أعمال الحرب والمعاون