الضمان، شرح ذلك لابن الفرات [١٢٧] وبيّن له وجوهه لمّا عاد إلى بغداد وعند عوده إلى مجلس الأصل فى ديوان السواد. فعظم ذلك فى نفس ابن الفرات. فلمّا أتى على ذلك مدّة استأذن ابن جبير ابن الفرات فى أن يكاتب حامدا فى بعض ما كان أنهاه إليه من ضمان حامد، فأذن له فيه إذنا ضعيفا فكتب من مجلسه- وهو مجلس الأصل فى ديوان الخراج- إلى حامد وأجاب حامد وتردّدت بينهما مكاتبات فى هذا المعنى.
وتبع ذلك كتب بشر بن علىّ، وهو خليفة حامد، يعتب على ابن جبير لما كان يتكلّم به فى مجلسه، فاستوحش حامد من ذلك وتخوّف أن يكون ما يظهره ابن جبير عن مواطأة الوزير ابن الفرات ولشيء قد عرفه من نيّته، فأنفذ من يسفر له فى الوزارة ويخاطب له نصرا الحاجب، فسعى له فى ذلك وعرّف نصر سعة نفس حامد وضمن له تصحيح أموال جليلة من جهة ابن الفرات وأسبابه، وراسل أيضا السيّدة فى هذا الباب.
ووافق ما سعى له فيه وما بذله له سوء رأى نصر فى ابن الفرات وتخوّفه منه والإضافة التي عرضت فى الوقت حتّى طلب ما طلب، فتمّ لحامد ما قدّره بما اجتمع من هذه الأحوال. فروسل حامد بالخروج إلى الحضرة من واسط [١٢٨] وأن يكتب كتابا بخروجه إلى أجنحة الطير.
فلمّا وقف عليه المقتدر أنفذ نصرا الحاجب وشفيعا المقتدري فقبضا على ابن الفرات وعلى ابنه المحسّن وموسى بن خلف وعيسى بن جبير وسعيد بن إبراهيم التستري وأمّ ولد له وابنها منه، وحملوا إلى دار السلطان فاعتقل أبو الحسن ابن الفرات وحده فى يد زيدان القهرمانة واعتقل الباقون فى يد نصر.
ووصل حامد إلى مدينة السلام وأقام ليلته فى دار الحجبة من دار السلطان، وتحقّق به أبو القاسم ابن الحوارى. وجلس حامد يتحدّث، فبان للقوّاد وجميع خواصّ المقتدر حدّته وقلّة خبرته بأمر الوزارة.