للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخرجت منه خمسمائة ألف دينار.» فأمر المقتدر أبا الحسن بتسليمه إليه. فقال ابن الفرات:

- «قد عاهدته أن لا أسلّمه إليه.» فراجع المحسّن المقتدر إلى أن أمر المقتدر أمرا لم يمكن أبا الحسن مخالفته فيه. فسلّمه إليه وحمله المحسّن إلى داره وطالبه وأوقع به مكروها وأقام حامد على أنّه لم يبق له مال ولا حال، فأمر بصفعه فصفع خمسين صفعة وسقط كالمغشى عليه وما زال [١٨٨] يصفع إلى أن تكلّم وقال:

- «أىّ شيء تريد [١] منّى؟» قال: «أريد المال.» قال: «ما بقي غير ضيعتي.» قال: «فاكتب بوكالة لابن مكرم- وكان أحمد بن كامل القاضي حاضرا- تقرّ فيها أنّك قد وكّلته فى بيعها.» فكتب ذلك ووقعت الشهادة على حامد.

ثمّ إنّ المحسّن عامله بعد ذلك بمعاملة تجرى مجرى السخف من إذلاله والوضع منه. ثمّ سلّمه إلى خادم له مع خمسة من الفرسان وعشرة من الرجّالة ليحدروا به إلى واسط، ويبيع ضياعه وأملاكه.

وشاع ببغداد أنّ حامدا طلب ليلة انحداره بيضا فحمل إليه وتحسّى منه وقت إفطاره عشر بيضات، وأنّ خادم المحسّن الموكّل به طرح فيه سمّا فما استقرّ فى جوفه حتّى صاح ولحقه ذرب عظيم ودخل واسط وهو لمآبه [٢] .

فسلّمه الخادم إلى محمّد بن علىّ البزوفري وجعله فى داره وبادر الخادم بالانصراف، وقام حامد أكثر من مائة مجلس ولم يتغذّ إلّا بسويق السّلت.


[١] . فى الأصل: تريدين، وهو سهو. فى مط: تريدون، وله وجه من الصّحّة.
[٢] . فى الأصل ومط ومد: لمابه، والتصحيح منّا، أى دخل واسط وهو مشرف على الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>