وتقدّم ابن الفرات إلى نازوك بالركوب إلى المساجد الجامعة فى الجانبين ببغداد بسبب حركة العامّة فركب فى جميع جيشه من الفرسان والرجّالة والنفّاطين حتّى سكّن العامّة.
ثمّ قدم سائق الحاجّ فشرح الصورة [٢١٣] لابن الفرات، فركب ابن الفرات آخر هذا اليوم وقد ضعفت نفسه إلى المقتدر وشرح له الحال واستدعى نصرا الحاجب وأدخله فى المشاورة وتمكّن نصر من خطاب ابن الفرات بحضرة المقتدر وانبسط لسانه عليه وقال له:
- «الساعة تقول: أىّ شيء الرأى، بعد أن زعزعت أركان الدولة وعرّضتها للزوال بإبعادك مونسا الذي يناضل الأعداء ويدفع عن الدولة، فمن يمنع الآن هذا الرجل عن السرير ومن الذي أسلم رجال السلطان وقوّاده وحرمه وخدمه إلى القرمطى سواك وقد ظهر الآن أمر الأعجمىّ الذي وجد فى دار السلطان وأنّه إنّما كان صاحب القرمطى.» وأشار نصر على المقتدر بمكاتبة مونس بالتعجّل إلى الحضرة، فأمر أن يكتب بذلك. ووثبت العامّة على ابن الفرات ورجمت طيّاره وبالآجرّ، وركب المحسّن من داره يريد طيّاره فرجموه وضجّت العامّة فى الطرقات بأنّ:
- «ابن الفرات القرمطى الكبير وليس يقنعه إلّا إتلاف أمّة محمّد.» وتحرّكت العامّة فامتنعت من الصلاة فى المساجد الجامعة ذلك اليوم وارتجّت بغداد بأسرها من الجانبين. [٢١٤] وأشار ابن الفرات بإنفاذ ياقوت إلى الكوفة لضبطها لئلّا تردها الهجريّة [١] ويضمّ الغلمان الحجريّة ووجوه القوّاد إليه وإن كان الهجري مقيما سار لمحاربته.
[١] . هجر (الهجر) : هي قاعدة البحرين، أو ناحية البحرين كلّها (مراصد الإطلاع) .