ثمّ لقى مونس علىّ بن عيسى ورفق به وداراه فقال له علىّ بن عيسى:
- «لو كنت مقيما بالحضرة لاستعنت بك وعملت ولكنّك خارج إلى الرقّة.» وبلغ أبا علىّ ابن مقلة ذلك فجدّ فى السعى، وشاور المقتدر نصر الحاجب فى أمر الثلاثة فقال:
- «أمّا الفضل بن جعفر فلا يدفع عن صناعة ومحلّ ولكنّك بالأمس قتلت عمّه وبنو الفرات يدينون بالرفض، وأمّا ابن مقلة فلا هيبة له.» وأشار بمحمّد بن خلف لما كان بينهما ممّا ذكرناه فيما تقدّم. فنفر المقتدر منه لما عرفه من جهله وتهوّره، وواصل ابن مقلة [٣٠٦] مداراة نصر الحاجب فأشار على المقتدر به وقال:
- «يقلّد، فإن قام بالأمر كما يجب وإلّا فالصرف العاجل بين يديه.» واضطرّ المقتدر إلى أن استوزر أبا علىّ بن مقلة.
وكان ما مال به المقتدر إلى أبى علىّ أنّ أبا طاهر القرمطى لمّا قرب من الأنبار تشوّف إلى علم خبره ولم يكن يكاتب بشيء من خبره غير الحسن بن إسماعيل الإسكافى عامل الأنبار. فلمّا عرف أبو علىّ ابن مقلة الصورة طلب أطيارا وأنفذها إلى الأنبار وكوتب عليها أخبار القرمطى وقتا بعد وقت فكان ينفذها إلى نصر لوقته ويعرضها نصر على المقتدر ووجد بذلك نصر السبيل إلى تقريظ [١] ابن مقلة وقال للمقتدر:
- «إن كان هذه مراعاته لأمورك ولا تعلّق له بخدمتك فكيف يكون إذا اصطنعته؟»