ووصلت إليه جملة من القاضي أبى عمر وابنه أبى حسين ووجوه الدولة وغلب على مفلح واختصّ به [٣٤٨] لأنّه عرّفه أنه وجد فى الكتب أنّه من ولد جعفر بن أبى طالب فجاز ذلك عليه ووصل إليه منه برّ كثير.
فانفتح لى أن سألته إثبات فصل فى كتب يكتبها بشرح ما أسأله فأجابنى إلى ذلك فوصفت له الحسين بن القاسم واقتصرت من وصفه على ذكر قامته وآثار الجدري فى وجهه والعلامة التي فى شفته العليا وخفة الشعر هناك وأنّه إن وزر للثاني عشر من خلفاء بنى العبّاس استقامت أموره كلّها وعلا على أعدائه وانفتحت البلاد على يده وعمرت الدنيا فى أيّامه.
ودفعت النسخة إلى الدانيالى وواقفنى على عمل دفتر يذكر فيها أشياء ويجعل هذا الباب فى تضاعيفها فسألته تقديم ذلك ولم أزال أطالبه حتّى أعلمنى أنّه لا يستوى على ما يريد حتّى لا يشكّ فى قدمه وعتقه فى أقلّ من عشرين يوما وأنّه يحتاج أن يجعله فى التبن أيّاما ثمّ يجعله فى الخفّ ويمشى فيه أيّاما وأنّه يصفرّ ويعتق.
فلمّا بلغ المبلغ الذي قدّر صار إلىّ وهو معه وأرانيه فوقفت على الفصل ورأيت دفترا لولا ما عرفته من الأصل فيه لحلفت على أنّه قديم [٣٤٩] لا شكّ فيه.
ومضى بذلك إلى مفلح فقرأه عليه فى جملة أشياء قرأها، فقال له مفلح:
- «أعد علىّ هذا الفصل.» فأعاده. ومضى مفلح إلى المقتدر بالله فذكر له ذلك فطلب الدفتر منه فأحضره إيّاه فقال له:
- «من تعرف بهذه الصفة؟» وأقبل المقتدر يكرّرها فذكر مفلح أنّه لا يعرف أحدا بها وحرص المقتدر على أن يعرف إنسانا يوافق هذه الصفة صفته. فقال مفلح: