فى الليل للقبض عليه [٣٥٧] فتنقّل فى مدّة عشرة أيّام فى نحو عشرة مواضع وكان لا يعرف له دار ولا موضع يلقاه فيه أحد وكان لا تلقاه أصحاب الدواوين إلّا إذا طلبهم ثمّ ختم الأمر بأن أقام فى دار الخليفة.
وراسل مونس المظفّر المقتدر بالله فى صرف الحسين بن القاسم عن الوزارة فأجابه إلى صرفه والتقدّم إليه بلزوم منزله فلم يقنع مونس بذلك وطالب بالقبض عليه ونفيه إلى عمان فامتنع المقتدر من ذلك وتردّدت بينهما فيه رسائل.
وأوقع الحسين بن القاسم للمقتدر أنّ مونسا قد عمل على أخذ الأمير أبى العبّاس من داره بالمخرّم والخروج به إلى مصر والشام ليعقد له الأمر فى الخلافة هناك وأشار بردّ الأمير أبى العبّاس إلى داره من دار الخلافة ففعل المقتدر ذلك. ووقف الأمير أبو العبّاس على ما فعله الحسين ابن القاسم فحقد عليه فى نفسه إلى أن أفضت إليه الخلافة فأنزل به من المكروه ما سنشرحه فى موضعه إن شاء الله.
وكتب الحسين بن القاسم إلى هارون بن غريب وهو بدير [١] العاقول بعد هزيمته من بين يدي مرداويج بالمبادرة إلى الحضرة فزادت وحشة مونس بهذه الأحوال وصحّ عنده أنّ الحسين بن القاسم [٣٥٨] فى تدبير عليه فخرج من داره لخمس خلون من المحرّم وجلس فى حديدي وامتدّ إلى باب الشمّاسيّة وخرج أكثر رجاله وضربوا مضاربهم هناك.
وكتب مونس إلى المقتدر بأنّ مفلحا الأسود مطابق للحسين بن القاسم فى التدبير عليه وأنّ نفسه لا تسكن إلّا بإنفاذ مفلح إليه ليقلّده أجلّ الأعمال ويخرج. فكتب المقتدر بأنّ مفلحا خادم يثق به فى خدمته وأنّه ليس ممّن
[١] . وفى مط: يدبر العاقول. قال فى المراصد: بين مدائن كسرى والنعمانيّة، كان، وأمّا الآن فقد بعدت دجلة عنه وكان عنده بلد عامر وأسواق أيّام عمارة النهروان، وأظنّه من شرقىّ دجلة.