للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «قل فانّى أمحضك [١] النصيحة.» فقال: «أنت تعلم أنّى كنت فى بحار من التخليط وكانت علىّ تبعات فيما كنت أدخل فيه وأقدّمه من مالي عن الضمناء لم يكن على أحد مثلها، وقد غسلت هذه النكبة وما أدّيت [٢] فيها من المصادرة دون ما كنت فيه وقد حصل لى الآن ما يرتفع منه عشرون ألف دينار خالصة وحصل لى من البساتين [٣٧٢] والمستغلات بعد ذلك ما ليس لأحد مثله ولى من الفرش والآلات والبلور والمخروط والصيني والجوهر والطيب والكسوة ما ليس لأحد مثله ومن الرقيق والخدم الروقة [٣] والغلمان والكراع ما ليس لأحد مثله، ولى بعد ذلك كلّه ثلاثمائة ألف دينار صامت لا أحتاج إليها وبيني وبين هذا الوزير- يعنى أبا علىّ ابن مقلة وقد كان القاهر استوزره وهو بفارس- مودّة وكيدة فهل ترى لى إذا قدم أن أقتصر على لقائه فى الأوقات لعمارة الحال بيني وبينه ولا أداخله ولا أعاود ما كنت فيه أو أعاود وأرجع إلى التخليط.» فقال له والدي:

- «ما رأيت أعجب من هذه المشاورة وإنّما يشاور فى المشكل من الأمر فأمّا الواضح فيستغنى فيه عن الرأى. انظر- أعزّك الله- فإن كان ذلك التخليط أثمر لك ما تحبّ فارجع إليه وإن كان إنّما أثمر ما تكره وعرضك لزوال المهجة وزوال النعمة فلا تعاوده ومع هذا فإنّ الإنسان إنّما يكدّ ويكدح ويتعرّض للمكاره ليحصل له بعض ما حصل لك فاحمد الله وتمتّع بالنعمة وقد حصل لك من الجاه ما يحرسها واربح [٤] الصيانة وحسن


[١] . فى مط: أنصحك، بدل «أمحضك» .
[٢] . فى مط: أذنت.
[٣] . فى مط: والروقة.
[٤] . كذا فى الأصل ومد: واربح. وفى مط: وارتج.

<<  <  ج: ص:  >  >>