للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأستاذ الرئيس حقّا أبو الفضل ابن العميد رحمه الله أنّه لمّا حضرت ليلة الوقود التي تعرف بالسّذق كان تقدّم [١] مرداويج قبل ذلك بمدّة طويلة أن تجمع له الأحطاب من الجبال والنواحي البعيدة وأن ينقل له فى الوادي المعروف روذ وما قرب من الغياض والمحتطب. فكان يجمع ذلك من كلّ وجه وأمر بجمع النفط والنفّاطين والزرّاقات ومن يحسن معالجتها واللعب بها وتقدّم بإعداد الشموع العظام المجلّسة ولم يبق جبل مشرف على جرين إصبهان ولا تلّ ظاهر إلّا عبّئت عليه الأحطاب والشوك وعمل على مسافة بعيدة من مجلسه بحيث لا يمكن أن يتأذّى بالوقود كهيئة قصور عظيمة من الأجذاع وضبّبت [٢] بالحديد الكثير حتّى تماسكت وحشيت بالشوك والقصب وصيدت له الغربان والحدأ وعلّق [٤٨٠] بمناقرها وأرجلها الجوز المحشوّ مشاقة ونفطا وعمل بمجلسه الخاصّ تماثيل من الشمع وأساطين عظام منه لم ير مثلها ليكون الوقود فى ساعة واحدة على الجبال ورؤوس اليفاعات وفى الصحراء وفى المجلس على الطيور التي تطلق. ثمّ عمل له سماط عظيم فى الصحراء التي يبرز إليها من داره وجمع فيه من الحيوانات والبقر والغنم ألوف كثيرة وزيّن واحتشد له بما لم تجر العادة بمثله فلمّا فرغ من جميع ذلك وضربت مضاربه قريبا من السماط وحضر الوقت الذي ينبغي أن يجلس فيه مع القوم للطعام ثمّ للشرب خرج من منزله وطاف على سماطه وعلى الآلات التي ذكرتها للوقود فاستحقرها كلّها واستصغر شأنها وذلك [٣] لأجل سعة الصحراء ولأنّ البصر إذا امتدّ فى فضاء واسع ثمّ انقلب عنه إلى هذه الأشياء المصنوعة استحقرها وإن كانت عظيمة.


[١] . الأصل مهمل فى الأول. فى مط: تقدم. فى مد: يقدم.
[٢] . كذا فى الأصل: ضبّبت فى مط: صيتت.
[٣] . كذا فى الأصل ومط: وذلك. وفى مد: (قال) وذلك، بزيادة «قال» ولا لزوم لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>