فلم يستجب ابن رائق إلى إنفاذ الحسين ووهب للرسولين مالا وأحسن إليهما وسألهما أن يتحمّلا له إلى الخليفة رسالة [٥١٢] فى السرّ وهي: أنّه إن استدعى إلى الحضرة وفوّض إليه التدبير قام بكلّ ما يحتاج إليه من نفقات السلطان وأرزاق الجند ومشّى الأمور أحسن تمشئة وكفى أمير المؤمنين الفكر فى شيء من أمره.
فلمّا قدم الرسولان خلوا بالراضى بالله بعد تأدية الرسالة الظاهرة فأدّيا الرسالة السرّية فلم ينشط الراضي لتسليم وزيره وأمسك.
ولمّا رأى الوزير امتناع ابن رائق من تسليم الحسين بن علىّ عمل على القاضي أبا الحسين برسالة من الراضي ليعرّفه ذلك وأنّه لم يأمن أن يقع له أنّ الخروج إنّما هو إليه فيستوحش وأنّه أنفذ القاضي ليكشف ما فى نفسه وعزمه، وتوثّق له بما يسكن إليه.
فلمّا كان يوم الإثنين لأربع عشر ليلة بقيت من جمادى الأولى وانحدر الوزير إلى دار الراضي بالله ومعه القاضي أبو الحسين ليوصله فيسمع من الراضي بالله الرسالة فلمّا حصل فى دهليز التسعينى قبل أن يصل إلى الخليفة وثب الغلمان الحجريّة ومعهم المظفّر بن ياقوت به فقبضوا عليه ووجّهوا إلى الراضي بالله يعرّفونه قبضهم [٥١٣] عليه إذ كان هو المفسد المضرّب ويسألونه أن يستوزر غيره. فوجّه إليهم يستصوب فعلهم ويعرّفهم أنّهم لو لم يفعلوا ذلك لفعله هو وردّ الخيار إليهم فيمن يستوزره فذكروا [١] علىّ بن عيسى ووصفوه بالأمانة والكفاءة وأنّه ليس فى الزمان مثله. فاستحضره الراضي بالله وخاطبه فى تقلّد الوزارة فامتنع وتكرّه ذلك فراجعه الراضي بالله