للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «قد أخطأت على نفسك نهاية الخطأ. أنت لا تقوى ببني البريدي وهم كتّاب أصحاب دراريع، ولا يمكنك صرفهم ولا انتزاع المال من أيديهم.

تقلّد رجلا تركيّا صاحب سيف إنّما صحبك قريبا مثل الأهواز ما هو إلّا أن تحصل الأهواز فى يده ويرى جلالتها وحسنها وكثرة أموالها وما يحصل عنده من الجيش بها حتّى تحدّثه [١] نفسه بالتغلّب عليها. ثمّ لا يقتصر عليها حتّى يطمع فى غيرها وتنازعه نفسه إلى أن ينازعك أمرك ويزيلك عن موضعك ويصير هو مكانك ليأمن على ما حصل له ولا يكون له منازع عليه. وأنت الساعة على طمع فى أن تنتزع البلد من يد البريدي. فإن قلّدته بجكم فاحسم طمعك عنها وأخرجها من قلبك واصرف همّتك إلى حفظ- غيرها وليته [٢] ينحفظ- واحفظ مهجتك فقد عرّضتها للتلف.» ففتأ رأى ابن رائق وصرفه عمّا عزم عليه فى أمرى ولعمري لقد صدقه ونصحه وأشار بالرأى الصحيح. [٥٦٦] وبلغني ما جرى بينهما فقامت قيامتي منه ورأيت أنّه يفوتني ما حدّثت نفسي به من الملك فقلقت وشاورت محمّد بن ينال الترجمان فلم يكن عنده رأى. فأخذ يسلّينى ويقول لى:

- «أنت فى نعمة وراحة ومحلّك من هذا الملك محلّ الأخ.» فقلت له:

- «أنت أحمق، امض حتّى تعدّ سميريّة فى هذه الليلة المقبلة.» وعملت على قصد ابن مقاتل وعلمت أنّه تاجر عامّى صغير النفس وإنّ الدرهم ليعظم فى نفوس أمثاله. فلمّا كان الليل ونام الناس حملت معى عشرة آلاف دينار ونزلت إلى السميريّة وأخذت معى محمّد بن ينال وحده


[١] . وفى مط: تخدمه، بدل «تحدّثه» .
[٢] . وفى مط: ابنه، بدل «ليته» .

<<  <  ج: ص:  >  >>