جعفر موسر كثير المال وكنت أظنّ أنّ أعداءه يكثرون عليه. فأردت أن أمتحن صحّة ما يقال فيه فقلت له يوما:
- «قد أودعت الأرض مالا كثيرا وعملت على أن أودع الناس شيئا آخر ولست أثق بأحد ثقتي بك وأريد أن أودع عندك شيئا فهل تنشط لذلك.» فقال لى:
- «وكم مبلغه؟» فقلت: «مائة ألف دينار.» فقال لى مسرعا:
- «نعم.» ولم يستكثرها ولا رأيت فى وجهه إعظاما لها. فلمّا رأيت قوّة قلبه ونشاطه للأمر وأنّ المقدار لم يهله ولا عظم فى نفسه علمت أنّ الذي قيل فى يساره [٢٥] وكثرة ماله حقّ. فسلّمت إليه مائة ألف دينار وتركته مدّة طويلة ثمّ قلت له:
- «قد احتجت إلى تلك الدنانير فينبغي أن تردّها.» فقال: «نعم.» وحمل بعد أيّام جزء منها ثمّ اقتضيته فحمل شيئا آخر ثمّ اقتضيته فحمل جزء آخر فأظهرت غضبا وقلت له: