للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعفر موسر كثير المال وكنت أظنّ أنّ أعداءه يكثرون عليه. فأردت أن أمتحن صحّة ما يقال فيه فقلت له يوما:

- «قد أودعت الأرض مالا كثيرا وعملت على أن أودع الناس شيئا آخر ولست أثق بأحد ثقتي بك وأريد أن أودع عندك شيئا فهل تنشط لذلك.» فقال لى:

- «وكم مبلغه؟» فقلت: «مائة ألف دينار.» فقال لى مسرعا:

- «نعم.» ولم يستكثرها ولا رأيت فى وجهه إعظاما لها. فلمّا رأيت قوّة قلبه ونشاطه للأمر وأنّ المقدار لم يهله ولا عظم فى نفسه علمت أنّ الذي قيل فى يساره [٢٥] وكثرة ماله حقّ. فسلّمت إليه مائة ألف دينار وتركته مدّة طويلة ثمّ قلت له:

- «قد احتجت إلى تلك الدنانير فينبغي أن تردّها.» فقال: «نعم.» وحمل بعد أيّام جزء منها ثمّ اقتضيته فحمل شيئا آخر ثمّ اقتضيته فحمل جزء آخر فأظهرت غضبا وقلت له:

- «دفعتها إليك جملة وتردّها تفاريق.» فارتاع لغضبي وصياحي عليه ودهش فخجل وقال:

- «أنا أصدق الأمير ليس لى من أثق به فى هذه الأحوال إلّا أختى وليس تطيق حمل الجميع ولا لها حيلة إلّا أن تحمله شيئا بعد شيء.» فسكتّ. وقلت:

- «يجوز» .

<<  <  ج: ص:  >  >>