للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: «من لم يخف فوتا حلم» فإنّك إذا فعلت ذلك وبتّ ليلتك وسكنت فلا بدّ لفورة الغضب من أن تبوخ وتسكن وتصحو من السكر الذي أحدثه لك الغضب. وقد قيل: «إنّ أصحّ ما يكون الرأى إذا استدبر الإنسان ليلته واستقبل نهاره» .

- «فإذا صحوت من سكرك فتأمّل الأمر الذي أغضبك، فإن كان ممّا يجوز فيه العفو ويكفى فيه العتاب والتهديد أو التوبيخ أو العزل، فلا تتجاوز ذلك. فإنّ العفو أحسن بك وأقرب لك إلى الله عزّ وجلّ. وليس يظنّ بك المذنب ولا غيره العجز ولا تعذّر القدرة. وإن كان ممّا لا يحتمل العفو عاقبت حينئذ على قدر الذنب ولم تتجاوزه إلى ما يقبح ذكرك ويزيغ دينك ويمقت عليه نفسك وإنّما يشتدّ هذا عليك عند تكلّفه أوّل دفعة وثانية وثالثة، ثمّ يصير عادة فيسهل لك ثمّ تستلذّه إذا علمت أنّه [١] فضيلة.» فاستحسن ذلك بجكم [٢٨] ووعد أنّه يفعله، وما زال ينبهه على شيء شيء حتّى صلحت أخلاقه وكفّ عن القتل والعقوبات الغليظة واستحلى ما كان يشير به من استعمال العدل والإنصاف ورفع الجور والظلم وعمل به حتّى قال:

- «قد تبيّنت أن العدل أربح للسلطان بكثير وأنّه يحصّل له دنيا وآخرة وأنّ موادّ الظلم وإن كثرت وتعجّلت سريعة النفاد والفناء والانقطاع، وهو مع ذلك كأنّه لا يبارك فيها وتحدث حوادث يتحرّمها [٢] ثمّ يعود بخراب الدنيا وفساد الآخرة.»


[١] . أنّه: ما فى الأصل غير واضح، قرأناه فى ضوء ما فى مط، وهو ساقط من مد.
[٢] . يتحرّمها: كذا فى مط. ما فى الأصل يحتمل أن يكون: يتحزّمها، يتخرّمها، بتجزّمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>