للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بازائهم على هذا السبيل. ففعلوا ذلك وألحّوا على القلب ثمّ تطاردوا لهم كالمنهزمين فطمع ما كان وأصحابه الذين كانوا فى القلب فيهم فاتّبعوهم وفارقوا مصافّهم وبعدوا عن ميمنتهم وميسرتهم وصار بينهم فضاء كثير.

فحينئذ أمر ابن محتاج الكراديس التي بإزاء الميمنة والميسرة أن يتركوا من بازائهم ويدخلوا فى الفضاء الذي اتسع لهم وراء القلب وأمر الذين كانوا بإزاء الحرب أن يحملوا ويحقّقوا عليه مواجهين له. فانكسر الديلم وحصلوا بين الكراديس ولم يكن لهم مهرب فقتلوهم كما شاءوا.

وكان ما كان قد ترجّل وأبلى بلاء حسنا وظهرت منه آثار لم ير مثلها.

فوافاه سهم عائر وقع فى جبينه فنفذ الخوذة والرأس [١] حتّى طلع من قفاه وسقط ميتا. وأفلت وشمكير وقوم من أصحاب الخيل إلى سارية وأسر الباقون وقتلوا بأجمعهم.

وملك ابن محتاج الرىّ وأخذ رأس ما كان بخوذته والسهم فيه وحمل على هيئته وحالته إلى خراسان مع الأسارى ورؤوس القتلى وكانوا عددا جمّا يقال: إنّهم نحو ستة آلاف. [٣٥] ثمّ حمل بعد ذلك رأس ما كان إلى بغداد بعد مقتل بجكم. لأنّ بجكم ينتسب إلى ما كان ويزعم أنّه تربيته وقد كان أظهر حزنا وغمّا شديدا لمّا سمع بقتله وجلس للعزاء. فلمّا قتل بجكم ورد أبو الفضل العبّاس ابن شقيق المرسوم كان بالترسّل بين ولاة خراسان وبين السلطان ومعه رأس ما كان وفيه السهم وعليه الخوذة وذلك فى سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.


[١] . والرأس: كذا فى الأصل ومط. والمثبت فى مد: والتراس، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>