الخزانة ويستدلّ على أنّه لدفين، ثمّ يتّتبع الأثر سرّا. فلمّا عرف البيت الذي فيه الدفين والموضع المظنون فيه المال طلب له ثقة وضمّ إلى نجاح خادم المتقى، فاستخرج شيء كثير فى قدور كبار منها عين ومنها ورق. فلمّا فرغ ممّا وجد بذل للحفّارين أن يأخذوا التراب باجرتهم فامتنعوا، [٤٠] فأطلق لهم ألفى درهم ثمّ تقدّم بغسل التراب فغسل وأخرج منه ستّة وثلاثون ألف درهم.
وكان بجكم قد دفن فى الصحارى ولم يقتصر على ما دفنه فى البيوت فكان الناس يتحدّثون أنّه إذا دفن فى الصحراء شيئا ومعه من يعاونه قتله لئلّا يدلّ على ما يدفنه فى وقت آخر فبلغ بجكم ما يقوله الناس فعجب منه.
فحكى سنان بن ثابت قال:
قال لى بجكم: فكّرت فيما دفنته فى دارى من المال وقلت قد يجوز أن يحال بيني وبين الدار بحوادث تحدث فلا أصل إليها فيتلف مالي وروحي، إذ كان مثلي لا يجوز أن يعيش بغير مال فدفنت فى الصحراء وعلمت أنّه لا يحال بيني وبين الصحراء.
فبلغني أنّ الناس يشنّعون علىّ بأنّى أقتل من يكون معى. ولا والله ما قتلت أحدا على هذه السبيل. وأنا أحدّثك كيف كنت أعمل: كنت إذا أردت الخروج للدفن أحضرت بغالا عليها صناديق فرّغ إلى دارى فاجعل فى بعضها المال وأقفل عليها وأدخل من أريد أن يكون معى من الرجال إلى باقى الصناديق التي على ظهور البغال وأطبق عليهم وأقفل عليهم وأسيّر بالبغال، ثمّ آخذ أنا مقود القطار وأسير إلى حيث أريد وأردّ من يخدم البغال وأنفرد وحدي فى وسط الصحراء، ثمّ افتح عن الرجال [٤١] فيخرجون ولا يدرون أين هم من أرض الله، وأخرج المال فيدفن بحضرتى وأجعل لنفسي علامات، ثمّ أردّ الرجال إلى الصناديق وأطبقها عليهم وأقفلها وأقود البغال