للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلّ حفل الناظرين بالحوادث تعويلا على أخذ ما صفا وترك ما كدر والرجوع على السلطان بالمطالبة وردّ ما تخرب على أيديهم من الإقطاعات وفوّض تدبير كل ناحية إلى بعض الوجوه من خواص الديلم فاتخذه مسكنا وطعمة والتحف عليهم المتصرفون الخونة وصار غرض أحدهم الترجية والتمشية والدفع من سنة إلى سنة.

وعقدت النواحي الخارجة من الاقطاعات على طبقتين من الناس إحداهما أكابر القواد والجند والأخرى أصحاب الدراريع والمتصرفون فأمّا القوّاد فإنّهم حرصوا على جمع الأموال وحيازة الأرباح ودعوى المظالم والتماس الحطائط فان استقصى عليهم صاروا أعداءهم.

ولمّا كثرت أموالهم وانفتقت بهم الفتوق خرج منهم الخوارج وإن سومحوا استشرى طمعهم ولم يقفوا منه عند غاية.

وأمّا أصحاب الدراريع [١٣٩] فكانوا أهدى من الجندي إلى تغريم السلطان والحيلة عليه فى كسب الأموال ونظر بعضهم إلى بعض فيما تجرى عليه معاملاتهم وبذلوا المرافق واعتصموا بالوسائل ووجب أن يجمع الناس حكم واحد.

وتوالت السنون عليهم فتفردوا بنواحيهم وخلوا بمعامليهم فمن مستضعف يصادر ويغيّر رسمه وتنقص معاملته على قدر حاله وماله ومن مانع جانبه فيخفّف عنه الرسوم ويرتفق على ذلك منه بالأموال ويتخذه الضامن عضدا فى شدائده وعند مناظرة سلطانه [١] ويصطلم المستضعفين.

فبطل أن ترفع إلى الدواوين جماعة أو تعمل لعامل مؤامرة [٢] أو يسمع لأحد ظلامة أو يقبل من كاتب نصيحة واقتصر فى محاسبة الضمناء على


[١] . فى مط: سلطانية.
[٢] . فى مط: ويعمل العامل مؤامرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>