للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاقتحموا حديقة الموت [١] ، فاقتحم الناس عليهم، فقتلوا منهم عشرة آلاف، وقتل مسيلمة. قتله وحشىّ بحربته، وأعانه رجل من الأنصار.

وكان خالد ظفر قبل هذه الوقعة بمجّاعة مع نفر معه كانوا خرجوا في سريّة لهم، وكان ظنّ أنّهم استقبلوه. فلمّا سألهم صدقوه. ولو عرفوا خبره لقالوا: إنّما استقبلناك، فسلموا. فعرضهم على السيف، فقتلهم عن آخرهم إلّا مجّاعة، فإنّه استحياه طمعا في الانتفاع به. فلمّا فرغ من قتل مسيلمة وأخبر به أخرج مجّاعة يرسف في الحديد ليدلّه على مسيلمة، [٣٠٥] فجعل يكشف له القتلى حتّى مرّ بمحكّم اليمامة، وكان وسيما حسنا. فلما رآه خالد قال:

- «هذا صاحبكم؟» قال: «لا، هذا والله خير منه وأكرم، هذا محكّم اليمامة.» ثم مضى خالد يكشف له القتلى. فإذا رويجل أصفر [٢] أخينس، فقال مجّاعة:

- «هذا صاحبكم، قد فرغتم منه.» فقال خالد لمجّاعة: «هذا فعل بكم ما فعل.» قال: «قد كان ذلك يا خالد، وإنّه والله ما جاءك إلّا سرعان الخيل، وإن الحصون لمملوءة رجالا، فهلّم أصالحك على قومي.» يقول ذلك لرجل قد نهكته الحرب، وأصيب معه من أشراف الناس من أصيب، فقد رقّ، وأحبّ الدعة والصلح.

فقال: «هلمّ أصالحك.» فصالحه على الصفراء والبيضاء والحلقة [٣] ونصف السبي.

ثم قال: «فآتى القوم فأعرض عليهم ما قد صنعت.»


[١] . والحديقة: بستان كان لمسيلمة الكذاب، كانوا يسمّونه: «حديقة الرحمان» ، وعنده قتل مسيلمة، فسمّوه: «حديقة الموت» (يا) .
[٢] . الطبري: أصيفر (٤: ١٩٤٩) .
[٣] . الحلقة: السلاح عامّة والدرع خاصّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>