للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغارة وثبتّ أنفة [١] فقط من غير رجاء منّى فى ظفر، بل وقفت وقوف المستسلم للقتل والأسر. وذلك أنّى فكرت فى تلك الحالة وقلت: إن انصرفت بنفسي سالما ومثلت بين يدي صاحبي أىّ وجه يكون لى عنده وأىّ لسان يدور بعذر لى بحضرته بعد أن أسلمت أعزّته وأولاده وحرمه وبالجملة ملكه! ونظرت فإذا القتل علىّ فى حالتي تلك أهون من هذه الحال التي تصوّرتها فصرت لان أقتل كريما.

فسكنت واقفا وراء خيمة لى بعمودين وأنا أرى أطنابها تقطع وما فيها يخرج ومن يراني لا يظنّ أنّى أثبت فى ذلك الموضع مع تلك الصورة، فبينما أنا كذلك وأصحاب ابن ماكان مشغولون عنّى بالنهب إذ ثاب إلىّ غلامي روين وفلان وفلان وراءهم العرب فثاب منهم جماعة يسيرة فحملت بهم وصاح الناس:

- «الكرّة.» فقتلنا وأسرنا ولم يفلت أحد.

ولما كان بعد ساعة من النهار لم يبق من جيش ابن ماكان عين تطرف [٢١٣] إلّا من أخذ أسيرا، وحمل إلىّ ابن ماكان وبه ضربة فى يده وقد تعلّق منها إصبعان بجلدة رقيقة، فمدّها حتى قطعهما.

فهو على ذلك بين يدىّ حتى شقّ الزحمة إليه مكار أو ركابىّ فصفعه صفعة طنّ بها الموضع وغاص [٢] ، فلحقني غيظ عظيم وأمرت بطلبه وهممت بالمثلة به وقطع يده فما وقف له على أثر ولا عرف له خبر إلى اليوم.

وكان ابن ماكان مع عظم قدره فى نفوس الديلم وشدّة بأسه محربا عظيم القوّة ورأيت أنا جوشنه وهو رزين جدا يعرض على فتيان الديلم وأشدائهم


[١] . والمثبت فى مد: وثبت آنفة. وهو خطأ.
[٢] . فى مط: عاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>