للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «إذا كان الوقت الذي يصلح لكم ما سألتم أذنت فيه.» فوجّه إليهم بنقيب وأومأ بيده أن اقبلوا ما يقول النقيب ليأخذ النشاب منهم فلم يشكوا أنّه إنّما أومأ إذنا لهم فيما كانوا يسألونه ووعدهم به، فحملوا وهم مستريحون وكذلك خيلهم فصدموا صفوف الديلم فكسروا بعضهم فوق بعض وصاروا من ورائهم وحمل معزّ الدولة فوضع فيهم اللتوت [١] فكانت إيّاها وكتب بالظفر إلى بغداد.

فورد على الديلم المقيمين ببغداد ما أدهشهم ولم يصدّقوا به وقدّروا أنّه أرجف بذلك إرجافا فكانوا يستهزئون استهزاء ظاهرا ويقولون:

- «نعم كانوا دجاجا وضع عليهم مكبّة فما أفلت أحد» .

وكانت نفوسهم اشرأبّت إلى روزبهان. فلمّا صحّ عندهم الخبر ضعفت نفوسهم وانخذلوا.

وأسرع معزّ الدولة الانصراف ليلحق بغداد قبل ورود أصحاب ناصر الدولة إليها. فدخل بغداد يوم الجمعة لاثنى عشرة ليلة بقيت من شوال ودخل داره ثم سار فى يومه ذلك فى الماء إلى معسكر الحاجب بباب الشمّاسية فى زبزب ومعه روزبهان فى زبزب آخر مكشوفا ليراه الناس وكوركير فى زبزب آخر، واجتمع الناس على الشطوط فدعوا له وعلى روزبهان.

وقد كانت العامّة محبّين لأيّام [٢١٩] معزّ الدولة وذلك لما كان منه فى سدّ بثق نهر الرّفيل وسدّ بثق بادوريا فإنّه خرج بنفسه حتى سدّ هذا البثق وحمل التراب بنفسه فى برّكة [٢] قبائه حتى فعل جميع العسكر مثل فعله وسدّ ذلك البثق. ثم خرج إلى النهروانات فسدّ بثقابها وكانت النهروانات قد بطلت وكذلك بادوريا فلمّا سدّ بثوقها عمرت بغداد وبيع الخبز النقي عشرين


[١] . اللتّ: الفأس العظيمة. فارسيّة.
[٢] . فى مط: تركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>