للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشفق أن يكون لهم بقزوين أو فى بعض الممالك عيث [١] واجتماع آخر فلم يفعلوا وتعجّلوا بالرحيل فى أثر أصحابهم فأسرع فى طلبهم وركض خلفهم حتى أدركهم فصافّوا الحرب فقتل منهم عددا كثيرا وردّ الباقين إلى الرىّ بعد أن طلبوا الأمان. ثم أذن لهم فى الخروج وأطلق أساراهم وأقر لهم بنفقات فخرجوا وقد ذهبت حشمتهم وزالت هيبتهم عن صدور الناس ولو أنّهم خرجوا بالماء الذي كان لهم لبلغوا من الروم كل مبلغ ولكثرت غزاة المسلمين معهم ولله أمر هو بالغه.

فسمعت الأستاذ الرئيس رحمه الله بعد ذلك يقول: لم أر قوما أشد من هؤلاء وما فرق جمعهم إلّا كثرة رؤسائهم [٢٩١] وتحاسدهم وقد كانت لهم فرص لو انتهزوا بعضها لتمّ لهم أمرهم.

منها يومهم الذي دخلوا فيه الري فإنّهم اجتازوا بأجمعهم وفى مواكبهم على باب الأمير وهو غارّ وليس ببابه كبير أحد فلو هجموا عليه ما حال بينهم وبينه أحد.

ومنها ليلة دخلوا البلد لو أقاموا وقصدوا دار الامارة ما تحرّك فى وجوههم أحد وكانت ليلة مقمرة وهي ليلة النصف وهي كنهار غدها إشراقا وإضاءة ولكن القوم عملوا على دخول البلد يوم عيد الفطر والناس مشغولون [بالصلاة] بمصلاهم غارّون وانتظروا أيضا المدد الذي وعدوا به وكانت الأخبار والرسل تأتيهم بقربهم منهم فعملوا على ذلك. وأبت المقادير إلّا صنع الله لركن الدولة وذلك بحسن نيته ودعاء رعيته له ونظر الله تعالى للناس.

وكان لإبراهيم السلّار فى هذه الأيّام مواقف حسنة وآثار جميلة وأصابت بطنه حربة لم تصل إلى أحشائه لكثرة شحمه لأنّه كان سمينا بطينا ولكنها


[١] . عيث: كذا فى الأصل ومط. والمثبت فى مد: عبث. وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>