للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ ركبوا من قراقر مفوّزين إلى سوى [١] وهي إلى جانبها الآخر ممّا يلي الشام. فلما ساروا يوما افتظّوا لكل من الخيل كروش عشر من تلك الإبل فمزجوا ما في كروشها بما كان من الألبان. ثمّ سقوا الخيل وشربوا للشفة جرعا، فعلوا ذلك أربعة أيّام. فلمّا نزلوا بسوى وخشي أن يفضحهم حرّ الشمس نادى خالد رافعا:

- «ما عندك يا رافع؟» [٣١٨] قال: «خير، أدركتم الرىّ وأنتم على الماء.» وكان يشجعهم وهو متحيّر به رمد.

ثمّ قال: «أيها الناس، انظروا عليمين [٢] كأنّهما ثديان.» فأتوا عليهما وقالوا: «علمان.» فقام عليهما فقال: «اضربوا يمنة ويسرة لعوسجة كقعدة الرجل.» فقالوا: «لا نرى شيئا.» فقال: «إنّا لله، هلكتم وهلكت معكم، انظروا.» فنظروا فوجدوا جذمها، فقالوا:

- «جذم [٣] ، ولا نرى شجرة.» فقال:

«احتفروا حيث شئتم.» فاستثاروا أوشالا [٤] وأحساء [٥] رواء [٦] . فقال رافع:


[١] . سوى: ماء لبهراء من ناحية السماوة.
[٢] . مط والطبري: علمين (٤: ٢١١٣) . وانظر ابن الأثير (٢: ٤٠٨) .
[٣] . الجذم والجذم: الأصل والمنبت.
[٤] . الوشل: الماء القليل يتحلّب من جبل أو صخر ولا يتصل قطره. والوشل أيضا: الماء الكثير- ضدّ.
[٥] . والأحساء: جمع مفرده حسى، وحسى وحسى: سهل من الأرض يستنقع فيه الماء، وقيل: غلظ فوقه رمل يجمع ماء المطر وكلّما نزحت دلوا اجتمعت أخرى.
[٦] . الرواء: الماء العذب. الكثير المروي.

<<  <  ج: ص:  >  >>