للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاتفق له أن أفلت وهرب واستنقذن اليسع وعالجن قيده فلم يكملن لكسره وخشين فوت الأمر فاتخذت له أمّه حبالا متينة من ثياب ديباج حتى تدلّى من القلعة إلى الأرض لأنّها لم تتمكن من إخراجه من باب القلعة. فلمّا حصل فى الأرض رآه بعض الجند فكسر قيده وأعطاه دابّته فركب وتوسّط العسكر فاستبشروا به وعادوا إلى طاعته وخدمته.

وهرب ترمش الحاجب وجمع اليسع الجيش ليسير بهم إلى تحت القلعة ويحاصرها ويتغلّب عليها، وكان الشيخ فى جميع ذلك [٣٢٢] مغمى عليه [١] لا يعقل شيئا مما جرى. فلمّا أفاق من غمرته وعرف الصورة راسل اليسع واطلع عليه وسأله أن يكفّ عنه ويؤمنه على نفسه وحرمه ومن معه حتى يسلم إليه القلعة مع جميع أعمال كرمان ويرحل إلى خراسان ويكون عونا له هناك متى احتاج إليه.

فأجابه ابنه إلى ذلك ومكنه من جميع ما أراد فاحتمل مائة وقر من المال والثياب والجوهر وفاخر المتاع واستصحب ثلاثمائة غلام من غلمانه وما احتاج إليه من الآلات والكراع وشعّث القلعة وأحرق بقية ما كان فيه من الآلات والكسوة ورحل فلم يؤاخذه اليسع بما فعل بل احتمله ووفّى له بالأمان الذي بذله وتركه حتى نفذ إلى مقصده [٢] .

وتسلم اليسع القلعة وظفر بأولئك النفر الثلاثة وسلّمهم إلى كاتبه ومدبر أمره أبى نصر محمد بن إسماعيل البمّى وأمره بمطالبتهم فاستخرج منهم مالا عظيما.

وتلف إسرائيل الطبيب ثم وجه للمعروف ببسّويه كتابا كتبه إلى خراسان فيه الإغراء به والذم له وكان قد عفا عنه فأعاده إلى العقوبة حتى هلك فيها.


[١] . والعبارة فى مط: وكان الشيخ معما عليه من جميع ذلك لا يعقل شيئا.
[٢] . فى مط: صفده.

<<  <  ج: ص:  >  >>