ناصر الدولة وجمهور العسكر وأنفذ محمد ابن بقية فى الطيارات والزبازب راجعا إلى بغداد بعد أن استخلف [٤٠٢] بحضرته محمد بن أحمد الجرجرائى.
فسبق أبو تغلب وانتهى إلى قرية تعرف بالفارسية [١] على نهر الدجيل بينها وبين بغداد نحو ثلاثة فراسخ فعسكر بها وعامل من اجتاز به من أهل السواد بالجميل ولم يأخذ منهم شيئا إلّا بالثمن الوافر وأظهر العدل والإنصاف.
وصارت طلائعه ترد إلى بغداد وخرج إليه جماعة من عوامّ الناس وأوباشهم مستقبلين له مظهرين السرور بمقدمه وبرز أبو إسحاق ابن معز الدولة وكان يخلف أخاه بختيار إلى باب الشماسية وانتقل المطيع لله ووالدة بختيار وجماعة الحرم والأولاد إلى القصر الذي بناه معزّ الدولة بباب الشماسية على طريق التحصن وعقد أبو إسحاق جسرا فى هذا الموضع على دجلة وعبر بطائفة من الجيش الذي كان معه وأظهر أنّه يريد الحرب والمدافعة من غير عزيمة صحيحة وإنّما أراد التماسك إلى أن يصل سبكتكين الحاجب.
فتعجّل وصول محمد بن بقية سابقا فى آلات الماء فشد من أبى إسحاق وافتتن الجانب الغربي وعاد العوام إلى حمل السلاح والحرب وطلب الطوائل واستتر التجار وتعطلت الأسواق وعبر أهل النباهة من الغربي إلى الشرقي ونزل سبكتكين بأوانا بإزاء عكبرا.
فعدل أبو تغلب من موضعه راجعا إليه فنزل فى قرية بينهما نحو نصف فرسخ [٤٠٣] وتصافّ العسكران ووقع الطراد بين سرعان الخيل وطوائف من الاعراب ثم تكافّا وجنحا إلى الصلح.
[١] . كذا فى الأصل وهو المثبت فى مد. فى مط: القادسيّة.