إمّا أن يصير جالسا فى بيته مزاح العلل فيما يحتاج إليه أو يصير إلى حضرة عمه ركن الدولة. فذهب إلى والدته وقصّ عليها القصة فمنعته من هذه الحال وأشفقت من أن يؤول إلى هلاك أحد ولديها. وصار إليها من كان مقيما بمدينة السلام من الديلم فأطمعوها فى الاستقلال بمحاربة سبكتكين [٤١٤] ومن معه من الأتراك، فجمعتهم إلى دارها بالسلاح وأصبح سبكتكين وقد نقض عليه إبراهيم ذلك الاتفاق.
فركب فى يوم الجمعة لثمان خلون من ذى القعدة من سنة ثلث مع جميع الأتراك قاصدا الحرب وناصبا، لها فبقى يومين يحاربهم تباعا، فلمّا كان فى الثالث أحرق جوانب الدار بعد أن حاصرها ونفد زاد من كان فيها واستسلم إبراهيم ووالدته وكذلك أبو طاهر ومن كان معه وسألوه أن يفرج لهم عن الطريق لينحدروا إلى واسط ولا يفضح حرم مولاه وأولاده فاستحيا وتذمّم فاجتمعوا جميعا فى حديدىّ وانحدروا وتفرّق الديلم هاربين فى مرقعات إلى بختيار وأقامت منهم شرذمة فى طاعة سبكتكين.
وكان المطيع لله أعدّ لنفسه حديديا استظهر به عند حدوث الفتنة فانحدر مع المنحدرين فأنفذ سبكتكين عدّة من الزبازب حتى ردّوه إلى داره ووكل به فيها توكيلا جميلا. واستولى على ما كان لبختيار بمدينة السلام من السلاح والدوابّ والآلات والمنازل [١] فنزل الأتراك فى دور الديلم وتتبعوا حرمهم وودائعهم وسائر أسبابهم.
وثارت العامّة من أهل السنة ناصرة لسبكتكين فقوّد من رؤسائهم القوّاد وعرّف العرفاء ونقّب النقباء وخلع عليهم وحملهم على الدواب [٤١٥] واستصحبهم وبسطهم وصار له منهم جند.