للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكنّا من كثرة العدد على ما وصفت فيما تقدم.

فلم يوفّق الأتراك لذلك وانصرفوا إلى بغداد ورأوا من الصواب لهم أن يملكوا بغداد ويجعلوها وراء ظهورهم وتكون حربهم على ديالى فكانت الخيرة لنا فيه ودخلنا واسطا بغير مانع. وقد كان بختيار وأخواه ومحمد بن بقيّة تلقّوا عضد الدولة لما انصرف الأتراك عنهم وترجّلوا له وأعظموه كما يستحق وسار عضد الدولة فى الجانب الشرقي وتقدم إلى بختيار أن يسير بإزائه من الغربي ممتدين إلى بغداد.

فأمّا ألفتكين فإنّه لما توسط فى مسيره إلى بغداد أنفذ سرية فى أربعمائة غلام من الأتراك لكبس أبى تغلب فأرهقوه وشغب مع ذلك جنده عليه فهرب [٤٢٨] إلى الموصل هربا قبيحا وتقطع عسكره. وحصل ألفتكين ببغداد فى حصار شديد قد أحدقت به الخيول من كل وجه وذاك أن بختيار كاتب [١] ضبّة بن محمد الأسدي وهو رجل من أهل عين التمر كثير العشائر وقد جرت عادته بالتبسط بأن يشنّ الغارات على أطراف بغداد ويمنع من جلب الميرة إليها ففعل ووجد الطريق إلى بغيته فنهب السواد وقطع السبل.

ثم أنفذ فى الجانب الشرقي ابن أخ لمحمد بن بقية وزيره يعرف بأبى الحمراء وهو لقب غلب عليه، مع طائفة من بنى شيبان ليتطرف بغداد ويحاصرها من ذلك الوجه وكانت خيول عضد الدولة والرىّ وبختيار متوجهين إليه سائرين لحروبه وكان أبو تغلب من ناحية الموصل يمنع الميرة وينفذ إليه سراياه ورجاله. فاشتد الحصار به وعزّت الميرة وانحسمت موادّها وثارت الرعية فنهبت الموجود فى المدينة وامتنع الناس بالفتنة أن يتسوقوا أو يتعيشوا [٢] وأعيت ألفتكين الحيلة فى التماس ما يحتاج إليه وصار يتتبع


[١] . فى مط: كانت.
[٢] . العبارة مطابقة لما فى مط.

<<  <  ج: ص:  >  >>