الرئاسة وأنّه قد برئ إليهم منها ووعده أن يتوسط حينئذ بينهم ويقرره على ما يحب.
فلم يجد بختيار عدولا عن ذلك ولا عرف وجه حيلة سوى ما أشار به عليه فبادر إليه واستعفاهم من رئاسته وأغلق أبوابه وصرف كتّابه وأسبابه وراسله فى الظاهر بمقاربة القوم وتدبيرهم فأجابه: بأنّى لست أميرا عليهم ولا معاملة بيني وبينهم فلينظروا لأنفسهم وليعقدوا لمن شاءوا.
واتصلت هذه الرسائل ثلاثة أيام والشغب يزيد إلى أن أعلنوا بالقبيح وكادوا يزحفون إليه ويأتون عليه فاستعاذ بعضد الدولة وطلب منه ما كان وعده به [٤٣٣] من التوسط فراسلهم عضد الدولة بما سكن منهم وأمرهم بالتفرق ووعدهم بالنظر فى أمرهم.
ثم استدعى بختيار إلى داره وقد كان خائفا مرعوبا واستدعى أخويه على طريق الإشفاق عليهم والحذر من أن ينصبوا أحدهما علما للفتنة فيفتحوا به بابا إلى الفرقة وراسلهما بختيار أيضا بمثل ذلك حتى حضرا جميعا.
ثم جمع الرجال وجماعة الجند وأعلمهم أنّ استيفاء بختيار من النظر واعتزاله إيّاهم وافق محبة منه للنظر فى أمورهم وضمهم إلى نفسه وأنّه يخلطهم بعسكره ويشملهم بإحسانه وأنّه المتولى للأمر وأنّ بختيار إنّما كان خليفة له ولركن الدولة وأنّه الآن قد استعفى فاعفى وبرئ فأبرى. فسكنوا وتفرقوا ووثقوا بوفائه وأنّه من وراء ذلك. وأمر باستظهار على بختيار وأخويه ووكل بهم ثقاته وذلك يوم الجمعة لأربع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وستّين وثلاثمائة وجمع بينهم وبين الوالدة.
فأمّا الخليفة الطائع لله فإنّه كان نافرا من بختيار للحروب التي جرت بينه وبينه ولأنّ انتصابه فى الخلافة جرى على يد غيره فى غير أيّامه وسكن إلى عضد الدولة وذمامه.