والرفق لكان كل رئيس يتلطف ويستغنى بذلك عن جميع الرجال وبذل الأموال.» قلت:«إذا كان اللطف والرفق من وراء قوّة وقدرة فهو دليل الفضل ويجب تلقيه بالقبول.» قال: «أما حلب فليست ببلدكم ولا يريدكم صاحبها وهذا رسوله وكليب يبذلان لنا خراجها ويسألان الذبّ عنها، وأما الحصون فإنّها أخذت فى زمان عمّى نقفور وغيره من الملوك ولا فسحة فى النزول عنها، فإن كان معك غير هذا وإلّا فلا تتعب نفسك بطول الطريق.» فقلت: «ان كان أمرك ملك الروم بانصرافي فعلت، وإن كنت قلته من تلقاء نفسك فيجوز أن يسمع الملك كلامي وأسمع جوابه وأعود بحجة.» فأذن لى فى السير.
فسرت إلى القسطنطينية ودخلتها بعد أن تلقّانى من أصحاب [٤٧] ملكها من أحسن صحبتي إليها فأكرمت وأنزلت فى دار نقفور الكانكلى الذي وصل الآن معى رسولا وهو خصيص بملك الروم، ثم استدعيت فدخلت إلى البركموس فقال:
- «قد وقفنا على الكتب وقد أحيل فيها على ما تقوله، فاذكر ما عندك.» فأخرجت الشرط الظاهر فلما وقف عليه قال:
- «أليس قد تقرر الأمر مع محمد بن الطيب (يعنى أبا بكر الباقلاني) على ما طلبتموه من ترك خراج بلد أبى تغلب الماضي والمستأنف ورضى بما شرطناه عليه من رد الحصون التي أخذت منّا والقبض على ورد وقد رضى مولاك بما شرطنا وفعل ما أردنا وطلبنا، إنّ خطه معك بتمام الهدنة.»