للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعمل على اطّراح ذلك كلّه والانحدار إلى شرف الدولة ونزل إلى زبزبه [١] مستبدّا برأيه غير ناظر فى بصائره وواردا على أمر غير [١٩١] عالم بمصادره.

فلمّا حصل تحت روشن [٢] زيار قدم [٣] إلى فنائه وتقدّم باستدعائه فنزل إليه وعنده أنّه يصعد إلى داره. فلمّا لم يبصر لصعوده أثرا قال:

- «إلى أين أيّها الملك؟» قال: «إلى أخى.» قال: «أوقد تغيّر رأيك عمّا كنا عليه.» قال: «نعم.» قال: «لا تفعل فإنّ الملك عقيم والخطب عظيم، والملوك لا تصل أرحامها ولا ترعى للقربى ذمامها، وفى إسلام النفوس أخطار وحسن الظنّ فى مثل هذه المواطن اغترار، فراجع فكرك وتبّصر أمرك.» فقال له: «ما أرى لنفسي رأيا صوابا إلّا ما عملت عليه.» قال له: «خار الله لك.» ثم قال له صمصام الدولة:

- «فعلى ماذا عملت أنت؟» قال: «إذا كنت قد رأيت ذلك رأيا وأنت أنت لم أرغب بنفسي عن نفسك، ولم يكن خوفي أعظم من خوفك.» فقال له: «أمّا أنت فلا أرى لك أن تضع يدك فى يد شرف الدولة.» وودّعه وانحدر.

فلمّا قرب من معسكر شرف الدولة وقد خيّم بنهر سابس أنفذ من يؤذن


[١] . الزبزب: ضرب من السفن.
[٢] . الرّوشن: الكوّة. فارسيّة.
[٣] . والمثبت فى مد: قدّم، بتشديد الدال.

<<  <  ج: ص:  >  >>