- «.. يا معشر كندة! أراكم تنتظرون من يكفيكم الناس. العرب منذ اليوم يقاتلون وأنتم جثاة على الرّكب تنتظرون.» فوثب إليه عدّة، وقالوا:
- «عثر جدّك إنّك لتؤبّخنا [١] ونحن أحسن الناس موقفا، ها نحن معك.» فنهد ونهدوا فأزالوا من بإزائهم. ولما رأى فارس ما تلقى الفيلة من كتيبة أسد، رموهم بحدّهم كلّه، وبدروا الشدّة على المسلمين عليهم ذو الحاجب والجالنوس والمسلمون ينتظرون [٣٥٧] التكبيرة الرابعة من سعد. فاجتمعت حلبة فارس على أسد ومعهم الفيلة قد ثبتوا لهم. وكبّر سعد الرابعة، فزحف إليهم المسلمون ورحى الحرب تدور على أسد، وحملت الفيول على الميمنة والميسرة على الخيول، فكانت الخيول تحجم عنها وتحيد.
فأرسل سعد إلى عاصم بن عمر، فقال:
- «يا معشر بنى تميم. ألستم أصحاب الإبل والخيل، أما لكم لهذه الفيلة من حيلة؟» قالوا: «بلى والله.» ثم نادى في رجال من قومه رماة، وآخرين أهل ثقافة، فقال لهم:
- «يا معشر الرماة، ذبّوا ركبان الفيلة بالنّبل.» وقال: «يا معشر أهل الثقافة استدبروا الفيلة، فقطعوا وضنها.» وخرج يحميهم والرحى تدور على أسد وقد جالت الميمنة والميسرة غير بعيد. وأقدم أصحاب عاصم بن عمرو على الفيلة، فأخذوا بأذنابها وأذناب توابيتها، فقطّعوا وضنها وارتفعت عن ظهورها. فما بقي لهم يومئذ فيل إلّا عرّى وقتل أصحابها، ونفّس عن أسد، فردّوا عنهم فارس إلى مواقفهم، ولم يزالوا [٣٥٨]
[١] . في الطبري (٥: ٢٣٠٠) ، عثّر الله جدّك، إنّك لتؤيسنا. وفي حواشي الطبري: لتويسنا، لتوبسنا، لبؤسنا.