للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصّفين برمحه وسلاحه. ثم رجع من خلف المسلمين إلى القلب، فبدر أمام الناس، فحمل على القوم يلعب بين الصفّين برمحه وسلاحه. فكان يقصف الناس ليلتئذ قصفا منكرا، وتعجّب الناس منه وهم لا يعرفونه ولم يروه بالنهار.

فقال بعض الناس: «هذا من أوائل أصحاب هاشم، أو هاشم نفسه.» [٣٦٥] وانتبه سعد وهو منكبّ مشرف من فوق القصر، فقال:

- «والله لولا محبس أبى محجن لقلت: إنّه هو وهذه البلقاء.» وقال بعض الناس: «إن كان الخضر يشهد الحروب فهذا الخضر.» وقال بعضهم: «لولا أنّ الملائكة لا تباشر [القتال] [١] لقلنا: ملك بيننا!» فلما انتصف الليل حاجز أهل فارس، وتراجع المسلمون، وأقبل أبو محجن حتى دخل القصر من حيث خرج منه، ووضع عن نفسه وعن دابّته، وأعاد رجليه في قيده، وقال في أبيات:

لقد علمت ثقيف غير فخر ... بأنّا نحن أكرمهم سيوفا

وأكثرهم دروعا سابغات ... وأصبرهم إذا كرهوا الوقوفا

وأنّا وفدهم في كلّ يوم ... فإن عميوا فسل بهم عريفا [٢]

وليلة قادس لم يشعروا بى ... ولم أشعر بمخرجى الزّحوفا

فإن أحبس فذلكم بلائي ... وإن أترك أذيقهم الحتوفا

وإنّما حبس في أبيات قالها وهي:


[١] . كلمة «القتال» مأخوذة من الطبري ٥: ٢٣١٤.
[٢] . البيت تكملة من الطبري ٥: ٢٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>