فلمّا انصرف أبو يوسف من دار أستاذ هرمز بعد إفطاره معه، سأله الصوفي عن حاله وما شاهده من مروءته. فما زال أبو يوسف يذكر شيئا شيئا حتى أفضى الحديث إلى ذكر القطائف. فوصف أبو يوسف جودة ما أحضر منه على الطبق. فقال الصوفي:
- «ما أظنّ القاضي أكل ممّا يصلح عندنا فى العراق، وقد عملت منه شيئا ليأكله ويعلم أنّ لبغداد الزيادة على كلّ بلد.» وقام وأحضر ما أودعه السمّ. فاستدعى أبو يوسف جماعة من أصحابه ليأكلوا معه. فقال له الصوفي:
- «هذا شيء نحبّ أن يتوفّر عليك، وقد عملت لاصحابنا ما يصلح لهم.» وأحضر ما كان عمله على رسم تلك البلاد، ودعا القوم إليه، وأكل أبو يوسف من المسموم [١] وأمعن فيه.
وخرج الصوفي من الدار وقصد باب البلد وركب جمّازة معدّة ودخل المفازة متوجّها إلى سجستان ونام أبو يوسف. فما مضت ساعة حتى عمل السمّ فيه وطلب الصوفي، فلم يلحق ولا عرف له خبر، فأحسّ بالحيلة.
قال أبو بكر الكاتب:
- «فجاءني رسوله فى جنح الليل يستدعينى. فجئته وهو كما به يتقلّب على فراشه ويحتسب الله على خلف. فوصّانى بحفظ ما يخلفه ومعاونة أصحابه على حمله إلى بلده وتسليمه إلى ورثته. وبقي ساعة وقضى [نحبه][٢٨٦] وعرف أستاذ هرمز الخبر فقلق لأجله. ثم رأى كتمان الأمر وأحسن إلى أصحاب أبى يوسف وأعادهم موفورين.» ووصل الصوفىّ إلى خلف وحدّثه الحديث، فقرر معه أن يقول فى المحفل