للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يعبر، وأمّا عمرو فقال: «ما أمرنا بذلك.» فعبر طليحة حتى إذا صار وراء صفّ المشركين كبّر ثلاث تكبيرات، فدهش القوم، وكفّوا عن الحرب لينظروا ما هو، وطلبوه فلم يدروا أين سلك! وسفل حتى غاص، وأقبل إلى العسكر فأتى سعدا خبره، فاشتدّ ذلك على الفرس، وفرح المسلمون. وقال طليحة للفرس:

- «لا تعدموا أمرا ضعضعكم.» ثم إنّهم عادوا، وجدّدوا تعبئة، وأخذوا في أمر لم يكونوا عليه في الأيام الثلاثة والمسلمون على تعبيتهم، فطاردهم فرسان العرب، فإذا القوم لا يشدّون، ولا يريدون إلّا الزحف [٣٧٣] فقدّموا صفا له أذنان، وأتبعوا آخر وآخر حتى تمّ صفوفهم ثلاثة عشر صفّا في القلب والمجنّبتين. فرماهم فرسان العسكر فلم يعطفهم ذلك. ثم لحقت بالفرسان الكتائب، فحمل القعقاع على ناحيته التي رمى بها مزدلفا. فقاموا على ساق والناس على راياتهم، بغير إذن سعد.

فقال سعد: «اللهمّ اغفرها له وانصره، وا تميماه سائر الليلة.» ثم قال: «إنّ الرأى ما رءاه القعقاع. فإذا كبّرت ثلاثا فاحملوا.» فلمّا كبّروا [١] واحدة حملت أسد، فقال: اللهمّ اغفرها لهم وانصرهم. وا أسداه سائر الليلة.» ثم حمل الناس وعصوا سعدا. فقام قيس بن المكشوح في من يليه- ولم يشهد شيئا من لياليها إلّا تلك الليلة، لأنّه كان آخر من ورد مع هاشم- فقال:

- «إنّ عدوّكم قد أبى إلّا المزاحفة، والرأى رأى أميركم، وليس بأن تحمل الخيل ليس معها الرجل.» قال القوم: «إذا زحفوا وطاردهم عدوّهم على الخيل لا رجال معهم عفّروا [٢]


[١] . في الأصل: كبّروا، وما أثبتناه من مط.
[٢] . في الأصل: عفروا. وما أثبتناه يؤيده الطبري ومط (٥: ٢٣٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>