والرعيّة [٣٤٩] وفعل الأفاعيل المنكرة وأملى له حتى امتلأت صحيفته.
فشغب الجند فى هذا الوقت وبرزوا إلى ظاهر البلد وراسلوا بهاء الدولة بالشكوى منه وطالبوه بتسليمه إليهم فأخذهم باللطف ووعدهم بإزالة شكواهم وأن يتولّى بنفسه أمورهم ويقتصر أبو الحسن المعلّم على خدمته فيما يخصّه.
فلم يقنعوا، فبذل لهم أن يبعده عن مملكته إلى حيث يأمن على مهجته ويبلغ الجند مرادهم ببعده ولا يتقبّح هو بتسليمه وقتله. فكان جوابهم أخسّ من القول الأول.
فقال بكران لبهاء الدولة وكان السفير بينه وبين العسكر:
- «أيّها الملك إنّ الأمر على خلاف ما تقدّره وأنت مخيّر بين بقاء أبى الحسن وبين بقاء دولتك، فاختر أيّهما شئت.» فقبض عند ذلك على أبى الحسن وعلى جميع أصحابه وأسبابه وظنّ أنّهم يرضون ويعودون. فلم يفعلوا وأقاموا على المطالبة بتسليمه إليهم فتذمّم من ذلك وركب بنفسه ليسألهم العود والاقتصار على ما جرى من القبض على المعلّم فلم يقم أحد منهم إليه ولا خدمه وأبوا أن يرجعوا إلّا بعد تسليمه.
فسلّم حينئذ إلى أبى حرب شيرزيل [١] وسقى السمّ دفعتين فلم يعمل فيه، فخنق بحبال الستارة ودهمه أحد الغلمان بسكين فقضى نحبه وأخرج ودفن.
ثم عاد [٣٥٠] الجند إلى منازلهم وسكنت الفتنة.
ولو أنّ بهاء الدولة اقتصد فى أمر هذا المعلّم لكان ذلك أحسن بداية وأجمل توسّطا وأحمد عاقبة وآمن مغبّة وأطيب أحدوثة. ولكنّه أخطأ باختيار من لا خير فيه، ثم أفرط فى تقريبه ثم أسرف فى تمكينه، لا جرم
[١] . فى الأصل (سريريل) والصواب فى تاريخ هلال الصابي (مد) .