كيسا فيه رقاع أقوام بمائة وخمسين ألف دينار مودوعة له عندهم.
فاستدعاهم وطالبهم بالمال فأحضروه وكان فيه ما هو بختم مؤيّد الدولة.
فرجّمت الظنون فى ذلك: فمن مقبّح لآثاره ينسبه إلى الخيانة فيه، ومحسن لذكره يقول: إنّما أودعه مؤيد الدولة لأولاده. ونقل جميع ما كان فى الدار والخزائن إلى دار فخر الدولة.
وجهّز ابن عباد وأخرج تابوته وقد جلس أبو العباس الضبىّ للصلاة عليه والعزاء به. فلمّا بدا على أيدى الحمّالين قامت الجماعة إعظاما له وقبّلوا الأرض ثمّ صلّوا عليه وعلّق بالسلاسل فى بيت إلى أن نقل إلى تربة له بإصفهان.
وقال القاضي أبو الحسن عبد الجبّار بن أحمد:
- «إنّنى لا أرى الترحّم عليه. لأنّه مات [٣٧٤] عن غير توبة ظهر عليه.» فنسب عبد الجبّار فى هذا القول إلى قلّة الرعاية.
ثم قبض فخر الدولة عليه وعلى المتعلّقين به وقرّر أمرهم على ثلاثة آلاف ألف درهم فباع فى جملة ما باع ألف طيلسان وألف ثوب من الصوف المصري.
فهلّا نظر هذا القاضي فى شأن نفسه ثم أفتى فى شأن غيره مثل ابن عبّاد الذي قدم قدمه وأثّل نعمته وراش جناحه ومهّد أحواله! صدق المثل «تبصر القذى فى عين غيرك وتدع الجزع المعترض فى حلقك»[١] فرحم الله من أبصر عيب نفسه فشغل بستره عن عيب غيره.
وبلغنا أنّ رجلا من الصالحين لقى أخا له فقال له:
- «إنّى أحبّك فى الله.»
[١] . عبارة المؤلف أقرب إلى الموجود فى التلموذ منها إلى الموجود فى الإنجيل (مد) .