فامتدت الأعين إليها فإذا هي فى هودج على بعد. فركب المقلد وسار حتى لحق بها وتحادثا طويلا ولا يعلم أحد ما جرى بينهما إلّا أنّه حكى فيما بعد أنّها قالت له:
- «يا مقلد قد ركبت مركبا وضيعا وقطعت رحمك وعققت ابن أبيك.
فراجع الأولى بك وخلّ عن الرجل واكفف هذه الفتنة ولا تكن سببا لهلاك العشيرة، ومع هذا فإننى أختك ونصيحتي لا حقة بك ومتى لم تقبل قولي فضحتك وفضحت نفسي بين هذا الخلق من العرب.» فلان فى يدها ووعدها بإطلاق علىّ وعاد فى وقته. فأمر بفكّ قيده وردّ عليه جميع ما كان أخذه منه وأضاف إليه مثله ورتّب له مخيّما جميلا ونقله إليه واستكتب له أبا الحسن ابن أبى الوزير وجعله عينا عليه متصرفا على أمره بين يديه.
فأصبح الناس مسرورين بما تجدد من الصلح وزال من الخلف واجتمع المقلد مع على وتحالفا ومضى على [٤٢٨] عائدا إلى حلّته والمقلد سائرا إلى الأنبار لقصد أبى الحسن على بن مزيد ومقاتلته. فقد كان تظاهر بمعصية على حين قبض عليه المقلد وطرق أعمال سقى الفرات واجتذب شيئا منها.
ولمّا انفصل على بن المسيب اجتمع إليه العرب وحملوه على مباينة المقلد فامتنع عليهم وقال:
- «إن كان قد أساء فإنّه قد أحسن من بعد.» فما زالوا حتى غلبوه على رأيه وأصعد إلى الموصل مباينا واعتصم من كان معه من أصحاب مقلد بها بالقلعة فنازلها وفتحها واستولى على ما كان فيها.
فطار الخبر إلى المقلد فكرّ راجعا واجتاز فى طريقه على حلّة الحسن وهو فيها فخرج إليه وشاهد من قوة عسكره ما خاف على أخيه منه فقال